التعريف الملك كنعان:
تعريف الملك كنعان: ويُقالُ أنهُ ملكُ شِنعار، ويُعتبرُ وفقاً لسِفر التكوين، وكانَ أيضاً سِفر لأخبارِ الأيام ابن كوش، ويعود نسبهُ إلى أنّهُ ابن حفيد نبي الله نوح عليه السلام، ويُذكر في سِفر التكوين، وكوش هو ابن النمرود الذي كان بدايتهُ بأنهُ جباراً في الأرض والذي كان أيضاً جبارَ صيدٍ أمام الرب الذي يعبدهُ. وهو أحد المُلوك الأربعة الذي ذكرهُ الله في كتابهِ الكريم. ويُقال بأنّه هو أول من وضع التاج فوق رأسهُ وتَجبّر في الأرض وطغى فيها، وهو من ادعى الربوبية أيضاً.
لقد قيل عن بعضِ أهلِ العلم في الكتب أنّ ذا الكفلِ هو إليسعُ بن خطوبٍ الذي كان مع إلياس، ولم يُذكر بأنه اليسع الذي ذكرهُ الله في كتابهِ العزيز. فقد ذُكر بأنّ هناك ملكاً شديد الظلمِ والطغيان يُقال له كنعان، وأن الناس لم تكن تُطيقه وتتحملهُ لشدةِ جبروتهِ، وكان عندهُ في القصر ذي الكفلِ يُعبد الله في السرّ وأنه يُخفي إيمانهُ بالله تعالى وهو في قصر ذلك الملك.
لقد جاء أحدُ للملك وقال له: يوجد عندك في القصر رجلاً يُخربُ أمور قصرك، ويدعوا الناس لعبادةٍ غير عبادتك، وأمر بأنّ يجلبوا له ذلك الرجل حتى يقتلهُ وجاؤوا به. وعندما جاء سأله الملك ما الذي أسمعهُ عنك، بأنّك تعبد أحداً غيري؟ فأجه ذي الكفل: اسمعني ولا تغضب؛ لأن الغضب عدو النفس، ويحول بين الحق ويدعوها إلى ما تُريد، فأذن له بالكلام.
وبدأ ذي الكفل بالتحدث وذكر اسم الله تعالى، وحمدهُ وأثنى عليه، وبعدها قال للملك: هل تقول أنّك أنت إله لمن تملك أو للكل الخلق من حولك. وقال له ذو الكفل: إذا كنت إلهٌ لممتلكاتك، فإنّ لها شريك، أمّا إذا أنتَ إلهٌ للخلق، فدُلني على إلهكَ.
وأجابه الملك ويحك: إذا لم أكن أنا الإلهُ من إلهي؟ قال إلهُك الذي في السماء وهو الذي خلقَ الأرضَ والشمس وجميعُ ما حولك، ويجب عليك أن تتقي الله وتخافُ منه؛ لأنّك إذا عبدتهُ نِلتَ ثوابه ومغفرتهُ ولك أن تكون بجوارهِ. فقام الملك وسأله إذا أنا عبدتُ إلهكَ ما هو جزائي. فأجابه، لك الجنة عندما تموت.
وسأله الملكُ عن الجنة، فوصفها ذو الكفل بأنّ فيها الشباب أبداً ولا يهرمُ، وأنّها مسكناً للأولياءِ والصالحينِ، وأنّهم فيها الحياةُ ولا مماتَ فيها، وله الخلود والسرور. وما جزاء من لا يعبدهُ، قال لهُ: النارُ، ففيها عذابٌ دائمٌ وهوانٌ طويل، ويُضربون بمقامع من الحديدِ، وأكلهم فيها الزقّوم، ويشربون فيها الحميم. وغيرُ ذلك. فصار الملكُ يبكي، وسأل ذي الكفلِ، فقال له إنّ آمنتُ بربك فما لي عندهُ، أجابه الجنةُ لك ومسكنك، وسأله الملك من لي بذلك الأمر، أجابهُ ذي الكفلِ أنا كفيلك، وسأكتبُ لك على الله كِتاباً، فإذا مُتّ تقاضيتهُ فيما يوجدُ فيه. فهو يزيدك ويُعطيك حقك. وفكرَ الملك وقال أنا مُوافق، اكتب لي على ربك كتاباً.
توبة الملك كنعان:
لقد قام ذي الكفلِ بكتابِة كتابٍ على لله تعالى للملكِ كنعان، واثقاً بالله تعالى بأنّ ربهُ لا يُضيع أجرَ كلّ من أحسن العمل، وأيضاً للملكِ كنعان إذا عاد إلى ربه، بأنّهُ سيُدخلهُ الجنة خالداً فيها، وأن يُعطيهُ منها كلُ ما يُريد ولهُ من الجنةِ ما يُعطى للأولياءِ، وأن لا يُعذبهُ أبداً وأنّ الله رحيمٌ بعبدهِ، وأنّ رحمتهُ تسبقُ غضبه.
فقال الملك لذي الكفل ماذا أفعل، قال له: اغتسل وطهر نفسك، وارتدي ملابس غير هذه، واشهد بشهادة الحق، وبّرء نفسك من الشرك. وقال له الملك: كيف نعبدُ الله، فدلهُ على الصلاةِ وشرائعِ الدين الإسلامي، وطلب الملك من ذي الكفل أن لا يقولَ لأحدٍ وأن يسترَ هذا الأمرِ حتى يلحق النساك.
فخلع الملك وخرجَ في السرّ، وجعلَ يسيحُ الأرض، وعندما فقدهُ أهل مملكتهِ طلبوا ذي الكفلِ واتهموه بأنّه أغرّ بملكهم، وجاؤوا عليهِ ذاتَ مرةٍ فرأوهُ يُصلي، فخرّوا سجداً له، وجاء إلهم وطلبَ منهم بأن يعبدوا الله تعالى، وأن لا يسجدوا لغيرهِ من الخلق، وقال لهم أنه آمن بربّ السماواتِ والأرضِ. فصار يُنصحهم ويُخوفهم من عذاب الله تعالى.
وفاء الله تعالى للملك كنعان:
في ذاتَ يوم توجع الملك وحضرهُ الموت، وقال لأصحابهِ لا تذهبوا، فهذا آخر عهدي في هذه الدنيا، وإنّ متُ ادفنوني، وقامَ بإخراجِ كتابهِ وقرأهُ عليهم، حتى يتعلموا ما فيه، وقال هذا الكتاب كتبهُ الله لي، فادفنوهُ معي، وعندما ماتَ الملك دفنوا الكتابَ معهُ ووضعوهُ فوق صدرهِ.
فأرسلَ اللهُ مَلَكاً من الملائكةِ للذي الكفل وقال له: الله تعالى وفّى للملكِ كنعان بكفالتكَ وأخلهُ الله الجنة وأنّهُ غفرَ له ومنحهُ كلّ ما قلتهُ له، وهذا الكتاب الذي كتبتهُ له، ويُبلغك الله تعالى بأن تفعل هذا مع أهل طاعتي، من أجل العودة عن شركهم وعبادتهم لربهم، وللتصديق لكلامِ لذو الكفل وما حدث لملكهم عندما تاب ورجعَ لربهِ مؤمناً غير عاصي ولا طاغي.