ما هي قصة سليمان عليه السلام في وادي النمل؟

اقرأ في هذا المقال


قصة سليمان عليه السلام في وادي النمل:

قال تعالى: “حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ” النمل:18. وقوله تعالى: “حتى إذا أتوا على وَادِ النَملِ”؛ يدل على أنهم جاءوا لهذا الوادي من أعلى الجبل، وهذا ما تفيدهُ كلمة “على”. والمعنى أنه حينما مرّ سليمان النبي عليه السلام بالوادي سَمع تحذير النملة لقومها، وهو بأن يدخلوا مساكنهم؛ خِشيةَ أن يحطمهم سليمان وجنوده دون أن يشعروا بهم، وهذا يُفيد أن هناك نملةً كانت موكلة بمراقبة حركة المرور من وإلى وادي النمل وهذه مهمتها؛ وذلك لأنّ النمل أمة منظمة وكلّ فرد له مهمة.
وهذه المخلوقات أمم مثلنا لها نظام حياة، ولغةٍ ومعيشةٍ وتخطيط وإلى أخره وصدق الله تعالى حين قال: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم” الأنعام:38. فالحق تعالى سمى لغة النملةِ قولاً: “قالت نملةً”؛ النملة التي قالت وحذرت سائر النملات، أين رأت سليمان وجنوده ومتى اكتشفتهم؟ لا بدّ أنها رأته قبل أن يأتي إلى وادي النمل؛ حتى تستطيع أن تحذرهم وتنبههم قبل وصوله إليهم، حتى لا يُحطمهم هو وجنوده دون أن يشعر بهم لضآلة أجسامهم.
وقوله تعالى: “فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ” النمل:19. يدلُ على أنه سمعها، فالنملةُ رأت قبل أن يوجد المرئي، وسليمان عليه السلام، سمع قبل أن يصلَ إلى وادي النمل؛ عليه السلام، تبسمَ ضاحكاً، أي بدأ بالبسمةِ التي قد تصلُ إلى الضحكِ، وشعرَ بفضل الله الذي أنعم عليه هذه النعمة، فقال تعالى: “فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ” النبأ:19. أي يا رب لا تجعلني أنسى فضلك عليّ، لكي أبقى شاكراً حامداً لك؛ لأن هذا نعمةٌ فوق ما أنعمت به على عامة الخلقِ، ونعمةً فوق ما أنعمت به على من سبقني من الأنبياء.

سماع سليمان عليه السلام إلى كلام النملة:

لقد سمع سليمان قول النملة قبل أن يصلَ إلى وادي النمل، فكيف حدث ذلك؟ إنّ بعض العلماء يقولون: إنّ الريح نقلت له الصوت، ونحن نقول: إنّ هذا تفسير ميكانيكي، والمسألة ليست ميكانيكية، ولكنها عملُ ربٍ قادر على كل شيء؛فحينما قالت النملة: “يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ” إنّ هنا يُفيد أن لهم مجال معيشةٍ يبحثون فيه عن رزقهم، ولهم مساكن يأوون إليها ويريحون فيها بعد جمع قوتهم، من فضلات الحلوى والطعام التي تقع على الأرض من الإنسان، فهذا المكان الذي فيه رزقهم يتجمعُ فيه النمل.
وإن معنى كلمة لا “يحطمنكم” فالحطمُ هو الكسر، ولذلك يقول الله تعالى: “كلا ليُنبّذنّ في الحُطمة- وما أدراك ما الحُطمة” الهمزة:4-5. إن سليمان عليه السلام ضحك بسبب ثلاثة أشياء وهي :
أولاً: لأنه سمع النملة عن مسافاتٍ بعيدة، وبأن النملة عرفت أنه سليمان قبل أن تراه.
ثانياً: وأيضاً لعدالة حكمها؛ لأنها قالت لقومها: إنّ سليمان عليه السلام، ليس متجبراً حتى يُحطمكم هو وجنودهُ، ولكنهم لم ينتبهَ إليكم لدقةِ أجسامكم.

ثالثاً:
أن النملة قد شهدت بحق.
إنّ هذه النملة رأت عن بعد، ونطقت بحقٍ وحكمت بعدلٍ، وعلى ذلك فأي إنسان يرى نعمة من نِعم الله تطرأ عليه، يجب عليه أولاً أن يحمد الله تعالى عليها. وقوله: “وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ” فكأن الفضل والرحمة من الله هما اللذان يفرح بهما الإنسان؛ لأنهما اللذان سيدخلان في عباد الله الصالحين؛ ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “لن يُدخل أحداً معكم عملُ الجنة”قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منهُ بفضلٍ ورحمة” وذلك قول الله تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ يونس:58. فإياك أتغتر أو تفرح بعملك ولكن أفرح بفضلك الله وارج رحمته.
لقد قيل أن اسم نملةُ سليمان عليه السلام هي“صطاخية” وقال واحدٌ آخر بأن اسمها “خرمى” وهي التي سمعت سليمان عليه السلام وهو قادم بجيشه، فحذرت باقي النمل من أن يدوسها سليمان وجنوده، وقالت لهم اختبئن لكي لا يحطمنكم سُليمان وجنوده وهم لا يشعرون بوجودكم، فسمعها النبي سليمان عليه السلام وحمد الله على ذلك.

المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب سليمان عليه السلام، تأليف همام حسن يوسف سلوم.


شارك المقالة: