إجابة النداء للأذان:
إنّ الأصل على من سمع النداء أن يُجيبهُ بالحضور للصلاة للجمعة والجماعة، لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّه” الجمعة:9. ولحديث عبد الله بن عمرو، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “الجُمعة على من سَمع النداء” رواه أبو داود. والصواب فيه الوقف.
العبرة من تلبية النداء:
والعبرةُ في وجوب تلبية النداء عند أكثر العلماء: أن يكون المؤذن على سطح المسجد أو مثله، ويكون صيتاً بلا مكبر صوت ولا رياح ولا موانع، والمستمع سليماً في سمعهِ؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي عليه الصلاة والسلام رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله، إنّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرخص له فيُصلّي في بيتهِ، فرَخصَ له، فلما ولّى دعاه، فقال: “هل تسمعُ النداء بالصلاة”؟ فقال: نعم، قال: “فأوجب” رواه مسلم.
الاستماع للأذان وإجابة المؤذن:
اتفق العلماء على استحباب الإنصات عند سماع الأذان ومشروعية إجابة المؤذن، وقال بعضهم بوجوبه، كابن وهب والحنفية وأهل الظاهر، وحكاه الطحاوي عن بعض السلف. والصحيح أنه سنة، لما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن” رواه البخاري.
ولما أخرجه مسلم وغيره: “أنه صلّى الله عليه وسلم سمعَ مؤذناً، فلما كبّر قال: “على الفطرة” فلما تشهدُ قال: “خرج من النار” رواه مسلم. فلما قال عليه الصلاة والسلام غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب. وقد جعل الخطّابي في معالم السنن هذا الحديث صارفاً للوجوب.
ولما رواه الشافعي، قال: حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب، قال: حدثني ثعلبة بن أبي مالك، قال: كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام عمر، فلم يتكلم أحد. ففيه دليل على عدم وجب الترديد والمتابعة للمؤذن، لترك الصحابة مع شهود عمر.
وما ما رواه ابن أبي شيبة عن المسيب بن رافع عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من الجفاء أن يُسمعُ الأذان ثم لا يقولُ، ففيه انقطاع، وليس فيه ما يدلُ على الوجوب. وقد ذهب جمهور العلماء أن السامع يقولُ مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلة، فإنهُ يحوقل.
وذهب مالك إلى أنه يقول مثل ما يقول المؤذن إلى الشهادتين، ولا يتم معه ما بعدها، ولا دليل عليه، والثابت خلافه؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “إذا قال المؤذّن: اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، فقال أحدُكُمُ : اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ، ثُمَّ قال : أشهدُ أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أنَّ محمداً رسول الله، ثُمَّ قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلَّا بالله، ثُم قال: حَيَّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلَّا بالله، ثُم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: اللهُ أكبر الله أكبر، ثُمَّ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال: لا إلهَ إلَّا الله، من قلبِه دخل الجنةَ” رواه مسلم.
ولما روي عن معاوية رضي الله عنه: “أنهُ لما أذن، فقال المؤذنُ، اللهُ أكبر اللهُ أكبر، فقال معاوية: اللهُ أكبر الله أكبر، فقال: أشهدُ أنّ لا إله إلا الله، فقال معاوية: أشهدُ أن لا إله إلا الله، فقال: أشهدُ أنّ محمداً رسول الله، فقال: حيّ على الصلاة، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: حيّ على الفلاح، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: الله أكبرُ الله أكبرُ، فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال: لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله، قال: هكذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقولُ إذا أذّن المؤذن” رواه أحمد.
ويُستحب أن يزيد عند التشهد ما ورد في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: “من قال حين يسمعُ المؤذن: أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأن محمداً عبدهُ ورسوله، رضيتُ بالله رباً، وبمحمدٍ رسولاً، وبالإسلام ديناً غُفر له ذنبه” رواه مسلم.
وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقولُ المؤذن” رواه البخاري.