ما هي كيفية افتتاح القنوت في الوتر بالتكبير؟

اقرأ في هذا المقال


افتتاح القنوت في الوتر بالتكبير:

لقد اتفق العلماء على أنه يُشرع التكبير عند افتتاح القنوت إذا كان قبل الركوع. واختلفوا في استحبابه، على قولين وهما:

القول الأول: لا يُستحب التكبير عند افتتاح القنوت. وهو قول لمالك، والمذهب عند الشافعية، ورواية عن أحمد وهي الصحيح من المذهب. ومن الأدلة على هذا القول:

أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يفتتح القنوت بالتكبير، ولو كان مستحباً لفعلهِ النبي عليه الصلاة والسلام.

أنها تكبيرة زائدة في الصلاة، لم تُثبت بأصلٍ ولا قياس.

القول الثاني: يُستحب التكبير عند افتتاح القنوت، وهو قول الحنفية، والمالكية، وقال به سفيان. ومن أدلة هذا القول:

أن عمر وعلي، وابن مسعود، والبراء: كانوا يفتتحون القنوت بالتكبير قبل الركوع. ونُوقش: بأنهُ محمولٌ على الجواز لا على الاستحباب؛ وذلك لما تقدم في أدلة القول الأول.

عن سفيان، قال: كانوا يستحبون في الوتر أن تكبر وترفع يديك ثم تقنت. ونوقش: بأنه قول معارض بما تقدم من الأدلة، فيحملُ على الجواز قبل الركوع.

والترجيح والله أعلم هو القول الأول، وذلك بسبب قوة ما استدلوا به وورود المناقشة على أدلة القول الثاني.

افتتاح القنوت في الوتر بتحميد الله والصلاة على رسول الله:

لقد اتفق العلماء على أنهُ يُستحب افتتاح القنوتُ في الوتر بتحميد الله والثناء عليه، الصلاة، ثم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. ويدلُ لذلك ما يأتي:

الدليل الأول: حديث فضالة بن عُبيد، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه، ثم يُصلّي على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يدعو بعد بما شاء” أخرجه  أبو داود في السنن. ووجه الاستدلال: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر الداعي أن يبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والقنوتُ دعاء.

ونُوقش: بأنه خاص بالدعاء في آخر الصلاة بعد التشهد. وأجيب ذلك من وجهين: الأول: بأن الحديث عام، فلا يُخصص إلا بدليل. والوجه الثاني: ان أول الحديث يفيد أن الداعي كان يجهر بدعائه، والدعاء في التشهد لا يُجهر به.

الدليل الثاني: هي أن أبي بنُ كعب ، ومعاذ الأنصاري: كانا يفتتحان القنوت بالتحميد، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. وجه الاستدلال: أن أبي بن كعب ومعاذ الأنصاري كانا يفعلان ذلك ولم يعرف لهم مُخالف، فكان إجماعاً.

الدليل الثالث: القياسُ على الدعاء في التشهد. ونُوقش: بأن القياس في العبادات غير مُعتبر.

قدر القنوت في الوتر:

اتفق أهل العلم على أنه لا يتعيّن في القنوت دعاء مؤقت. فكلما أكثر العبدُ الدعاء، وطوّله وأعاده وأبداه ونوّع جُمله: كان ذلك أبلغ في عبوديته وإظهار فقره وذُلّه وحاجته، وكان أقرب له من ربه وأعظم لثوابه.

ولهذا نجد ان كثيراً من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام: فيها من بسط الألفاظ، وذكر كل  معنى بصريح لفظه دون الاكتفاء بدلالة اللفظ الآخر عليه. إلا إنه كان يُعجبه الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. وكان يحث من أم الناس أن يُخفف، وهذا عام  في الدعاء وأفعال الصلاة أما من صلّى  لنفسه فليطول ما شاء، فأفضل الصلاة طول القنوت” أخرجه مسلم.

وقد اختلف العلماء في قدر المُستحب من القنوت في  الوتر، على خمسة أقوال:

1- يُستحب قدر دعاء عمر والحسن بن علي، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد وهي الصحيح من المذهب. والدليل على هذا القول: هو أنّ دعاء عمر سورتان في مصحف ابن مسعود، ودعاء الحسن علمه إياه النبي عليه الصلاة والسلام فلا يُزاد عليهما. ونوقش دعاء عمر: بأنه سورتان منسوختان، فلا يُحتج بهما، وأجيب: بأن عمر كان يدعو بهما، ولم يُعرف له مخالف.

2- يُستحب قدر دعاء الحسن إذا كان إماماً، وقدر دعاء الحسن ودعاء عمر إذا كان منفرداً أو إمام محصورين يرضون بالتطويل. وهذا هو قول الشافعية. ومن أدلة القول الثاني: هو ان دعاء الحسن علمهُ إياه النبي عليه الصلاة والسلام، فيُقدمإلا أنّ يكون منفرداً أو يرضى المأمومون فيزاد دعاء عمر. ونوقش: بأن دعاء عمر سورتان في مُصحف ابن مسعود وكان عمر يدعو به ولم يُعرف له مخالف.

3- يُستحب قدر دعاء عمر، وهو قول المالكية، ورواية عن احمد، وقول اسحاق. والدليل على هذا القول هو أن قنوت عمر سورتان في مصحف ابن مسعود فلا يُزاد عليها. ونوقش ذلك، بأن دعاء الحس ثابتٌ عن النبي عليه الصلاة والسلام.

4- يُستحب قدر مائة آية، وقال به عمر، وجمع من الصحابة والتابعين والتابعين.ومن الدليل على هذا القول بفعلِ عمر أنه كان يقنتُ بقدرِ ما يقرأ الرجل مائة آية. ونوقش من وجهين وهما: الأول: أنه محمول على التقريب لأعلى التحديد. والثاني: أن المشهور عن عمر القنوت بالسورتين في مصحفٍ ابن مسعود، فربما كان هذا في بعض الأحيان.

5- ليس له قدرٌ محدد، وهو قول بعض الحنفية، ورواية عن أحمد، وقول لإبراهيم النخعي. والدليل على هذا القول هو حديث جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “أفضل الصلاة طولُ القنوت“.

والترجيح في هذه الأقول هو القول الأول؛ ولذلك لقوة أدلتهِ ووروده المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى.


شارك المقالة: