التحذير من ترك الخشوع في الصلاة:
ترك الخشوع في الصلاة يُسبب كل من: ترك أركانها، وواجباتها، فلا يمكن للخاشعِ لله في صلاته أن ينقر صلاته، أو يترك شيئاً من أركانها أو واجباتها على أقل الأحوال؛ ذلك لأنه يستحضرُ عظمة الله تعالى، ويخافُ عقابهُ، ويرجو ثوابة؛ ولذلك جاءت النصوص الثابته بالتحذير من الأمور الأتية:
الأمر الأول: التحذير من نقر الصلاة، وعدم إتمامها ويكون ذلك في عدة أمور وهي:
1- قد يصلي المرء ستين سنة، وما قبل الله منه صلاة واحدة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الرجل ليصلي ستين سنة، وما تقبل له صلاة لعله يتم الركوع، ولا يتم السجود ويتم السجود، ولا يتم الركوع” أخرجه ابن أبي شيبة.
2– أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاتة” قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاتة؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها” أو قال: “لا يقيم صلبة في الركوع والسجود“. أخرجه أحمد في المسند.
3– لا ينظر الله إلى صلاة عبد لا يقيم صلبة بين ركوعها وسجودها؛ لحديث طلق بن علي الحنفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا ينظر الله إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبة بين ركوعها وسجودها” مسند أحمد. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبة بين ركوعه وسجوده” رواه أحمد.
4- من مات وهو لا يتم ركوعه، وينقر في سجوده، مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لحديث أبي عبد الله الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لا يتم ركوعه وينقر في سجوده وهو يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لو مات هذا على حاله هذه، مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال : “مثل الذي لا يتم ركوعه، وينقر في سجوده، مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شيئاً“
5- قد ينصرف المصلّي ولم يكتب له من صلاته إلا عشرها؛ لحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الرجل لينصرف زما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها” رواه أبي داود.
وعن أبي اليسر: وهو كعب بن عمرو السلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف والثلث، والربع، حتى بلغ العشر”. رواه أحمد.
6- قد يُصلي المرء أربعين سنة، ولا يكتب له صلاة واحدة؛ ذلك لحديث حذيفة موقوفاً عليه: أنه دخل المسجد، فإذا رجل يصلي، فجعل لا يتم الركوع ولا السجود، فلما انصرف قال له حذيفة: منذ كم تصلي هذه الصلاة؟قال: منذ أربعين سنة، فقال له حذيفة: “ما صليت منذ أربعين سنة، ولو مت وهذه صلاتك لمت على غير فطرة التي فطر عليها محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل عليه يعلمه، ثم قال: إن الرجل ليخفف في صلاته وإنه ليتم الركوع والسجود” رواه أحمد.
7- نقر الصلاة كنقر الغراب، أو الطائر بمنقارة من علامات النفاق الخالص؛ وذلك لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر فيها إلا قليلاً” شرح مسلم. فرجّح النووي رحمهُ الله بأنّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: “بين قرني شيطان” على حقيقتهِ، وظاهر لفظه، والمقصود: أن الشيطان يُحاذي الشمس عند غروبها بقرنَيه، ومثلُ ذلك عند طلوعها؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذٍ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له .
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: “فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: “يرقب الشمس”وبإضاعة الأركان، بذكره النقر، ويإضاعة حضور القلب بقوله: “لا يذكر الله فيها إلا قليلاً”.
8– بكاءُ أنس بن مالك رضي الله عليه وسلم على تأخير الصلاةعند وقتها وتضييعها، فعن الزهري رحمة الله قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت : ما يبكيك؟ فقال: “لا اعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت” رواه البخاري. ومعنى تَضييعها: أي أنهُ أخرها عن وقتها ، فقال الحافظ ابن حجر رحمة الله: “وقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والأثار في ذلك مشهور”.