ما هي مشروعية العقوبات المالية؟

اقرأ في هذا المقال


مشروعية العقوبات المالية:

لقد اختلف الفقهاء في مشروعية التعزير بأخذ المال: فمنهم من يراه مشروعاً، ومنهم من يمنعه. والأصل في مذهب أبي حنيفة أن التعزير بأخذ المال غير جائز. فأبو حنيفة ومحمد لا يُجيزانه.
أما أبو يوسف فقد روى عنه: أن الزجر والتعزير بأخذ المال من الجاني جائز إذا رؤيت في ذلك مصلحة. وقد ورد في بعض كتب الفقهاء: أن التعزير بأخذ المال جائز دون ذكر أن ذلك قول أبي يوسف. ولعل هذه الرواية ممّا يُعزر مذهب أبي يوسف. ومثل من يقول بهذا النوع من التعزير بجواز تعزير من لا يحضر الجماعة بأخذ المال منه. وكذلك من يجلس في مجلس الشرب دون أن يشرب.
وعند الشافعي: إن التعزير بالعقوبات المالية مشروع في قول، ولو أن هناك نزاعاً في تفصيل ذلك. وكذلك أيضاً في مذهب مالك في المشهور عنه، وفي مواضع مخصوصة في هذا المذهب، إذ يُعزر بها في جرائم معينة. وهو في مذهب أحمد مشروع باتفاق في مواضع، وباختلافٍ في مواضع أخرى.

تعريف التعزير بأخذ المال:

يرى من يُجيز التعزير بالمال من فقهاء الحنفية: أن معنى التعزير بالمال، هو أن يمسك القاضي شيئاً من مال الجاني مدة، حتى يكون ذلك زاجلاً له عمّا اقترفه ثم يُعيده لصاحبة عندما تظهر توبته، وليس معناه أن يأخذ الحاكم مال الجاني لنفسه أو للخزانة العامة.
وفسروا ذلك بأنه لا يجوز أخذ مال إنسان بدون سبب شرعي يُبرر هذا الأخذ، وفسره على هذا الوجه السابق أبو يحيى الخوارزمي، وهو ما يفعل في خيولِ أهل البغي، وسلاحهم، فإنها تُحبس عنهم زمناً حتى إذا تابو، أعيدت إليهم وصوب ذلك الرأي الإمام ظهير الدين التمرتاشي الخوارزمي. أما إذا صار الجاني ميئوساً من توبته، فإن للحاكم أن يصرف هذا المال فيما يرى فيه المصلحة.

كيف تكون دعوى نسخ العقوبات المالية والرد عليها:

لقد قال فريق من الفقهاء: بأن التعزير بالعقوبات المالية كان مشروعاً في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك. وعلى هذا الأساس روي ما جاء في الحديث “من وجوب التصدق بدينار على من أتى زوجته وهي حائض، أو ترك صلاة الجمعة، وإباحة سلب من هتك حرمة المدينة بالصيد في حرمها”. وفسروا النسخ بأن وجود هذا النوع من العقوبات يكون ذريعة إلى أخذ ظلمة الحكام أموال الناس بغير حق.
وفي السندي: أن القول بنسخ هذا النوع من العقوبات لعله يكون قول من نفاه كلية. وقد ورد ابن تيمية وابن القيم على دعوى النسخ، ونَفياها نفياً باتاً ودللاً على ذلك بما ورد من القضايا العديدة المؤيدة لوجود هذه العقوبات: منها قضايا للرسول عليه الصلاة والسلام.


شارك المقالة: