المهر: هو المال الذي تستحقه الزوجة ومن في حكمها على الزوج ومن في حكمه بالعقد أو الوطء، وهو من باب قطع، يقال:”مَهر يمهَر” كما يقال: “أَمهر، وجمعه مهورة” مثل “بعل وبعولة”.
وللمهر في الفقه الإسلامي أسماء عدة، منها: الصَّداقُ، والصَدُقُةُ، والنَّحلة، والعطية، وقد جاء ببعضها القرآن والسنة، فمن ذلك قوله تعالى:“وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً” النساء:4.
دفع المهر للعروس:
يجوز أن يُدفع المهر قبل العقد، ويجوز حين العقد، ويجوز بعد العقد، فالمهم أن يتفقا عليه في صلب العقد، فإذا اتفقا على شيء، وجب على الزوج تسليمه، فإن اتفقوا عليه حالاً وجب تسليمه حالاً، وإن اتفقوا عليه مؤجلًا وجب عليه تسليمه عند أجله، وإن قدمه قبل العقد كما هي عادةُ عند كثير من الناس فإنهم يقدمونه قبل العقد حتى يتمكّن أهل الزوجة من التجهيزات اللازمة قبل العرس، ولا يحتاج إلى تحديد شيء، بل إنّ متى ما أعطاهم ما تيسّر من المهر ورضوا به كفى، وإن لم يتفق أنهم حددوا شيئاً، فالناس هنا يختلفون في هذه المسألة، فمن قدم شيئاً ممّا طابت به نفسه إلى أهل الزوجة ورضوا به ولم يردوه كفى، أما إن حددوه بشيء فهو مخيّر، فإن شاء سلّم لهم محدد، وإن شاء ترك الخطوبة والزواج منهم.
فالمهر ليس ثمناً للمرأة يدفعه الزوج إليها، وإلا كان شرطاً من شروطه، مثل الثمن في عقد البيع، ولكنه هو هدية تكريم تُلزم الزوج أنّ يدفعه لزوجته عنواناً على رغبته بالزواج منها، ولشدة تعلّقه بالارتباط بها، ومشاركتها حياتها، كما أن فيه إظهار خطر الزواج وتمكين الزوج من الإحساس بجدية بأعباء الزواج المالية، فلا يُقدم عليه إلا وهو يعلمُ ما هو المطلوب من مستلزمات وغير ذلك.
ما حكمة مشروعية المهر في الإسلام وحكمه:
والحكمة من وراء شرعية هذا المهر عدة أمور وهي:
1ـ تكريم المرأة بأن تكون هي المطلوبة وليست الطالبة، والتي يسعى إليها الرجل لا التي تسعى إليه هي، فهو الذي يطلب ويسعى ويبذل، على عكس البعض فمنهم الذي يكلّف المرأة أن تبذل هي للرجل من مالها، أو مال أهلها، حتى يقبل الزواج منها.
2ـ إظهار الرجل رغبته في المرأة ومودته لها، فيعطيها هذا المال نِحلةً منه، أي عطية وهدية وهبة منه لها، لا ثمنًا للمرأة كما يقول المتقولون وفي ذلك يقول القرآن بصريح العبارة:“وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا”. (النساء: 4).
3ـ إظهار علامات الجديّة بالإقبال عليه، فالزواج ليس شيءٌ يتسلّى بها الرجال، فيقول الرجل للمرأة: تزوجتك ويعقد عليها ويربطها به، ثم لا يلبث أن يدعها ليجد واحدةً أخرى، فيقول لها كما قال للأولى.
ولذلك فرض الإسلام نصفُ المهر على من تزوج، ثم طلق الزوجة قبل أنّ يدخل بها أو يَمسها، تقديرًا لهذا الميثاق الغليظ والرباط المقدس بينهما، مما يدل على أن الاستمتاع ليس هو الأساس بين الزوجين، فهنا لم يحدث أي استمتاع.
قال تعالى:“وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”. (البقرة: 237).
4-إنّ الإسلام قد جعل القِوامة على الأسرة بيد الرجل، لقدرته الفطرية على التحكّم في انفعالاته أكثر من المرأة، ولأنه أقدر الجنسين على إدارة هذه المسؤلية، فمن العدل أن يغرم الرجل في مقابلة هذا الحق الذي أعطي له، حتى لا يتهاون في هدم الأسرة لأدنى سبب، لأنه الغارم في بنائها، فإذا تهدمت هذه الأسرة كان هدمها على رأس الرجل بحد ذاته.