مسالك العلماء في أصول الفقه

اقرأ في هذا المقال


لم يسلك العلماء في أبحاث أصول الفقه طريقة واحدة، فمنهم من سلك مسلك تقرير القواعد الأصولية، مدعومة بالأدلة والبراهين دون التفات إلى موافقة أو مخالفة هذه القواعد لفروع الفقهية المنقولة عن الأئمة المجتهدين، فهو اتجاه نظري، غايته تقرير قواعد هذا العلم كما يدل عليها الدليل، وجعلها موازين لضبط الاستدلال، وحاكمة على اجتهادات المجتهدين لا خادمة لفروع المذهب وهذا المسلك عرف بمسلك المتكلمين أو طريقة المتكلمين، وقد اتبعه المعتزلة والشافعية والمالكية، كما اتبعه علماء الجعفرية في أول تدوينهم لعلم أصول الفقه .

طريقة المتكلمين:

هي: تقرير القواعد الأصولية على ضوء فروع المذهب وتمتاز هذه الطريقة – طريقة المتكلمين – بالجنوح إلى الاستدلال العقلي، وعدم التعصب للمذاهب، والإقلال من ذكر الفروع الفقهية، وإن ذكرت، كان ذلك عرضاً على سبيل التمثيل فقط.

ومن العلماء من سلك اخر:

ومن العلماء من سلك مسلكا آخر، يقوم على تقرير القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل عن الأئمة من فروع فقهية، بمعنى: أن هؤلاء العلماء وضعوا القواعد التي من فروع فقهية، وقد اشتهر علماء الحنفية باتباع هذا المسلك، حتى عرفت هذه الطريقة طريقة الحنفية. ويمتاز هذا المسلك بالطابع العملي، فهو دراسة عملية تطبيقية للفروع الفقهية المنقولة عن أئمة المذهب، واستخراج القوانين والقواعد والضوابط الأصولية، التي لاحظها واعتبرها أولئك الأئمة في استنباطهم، ومن ثم فإن هذه الطريقة تقرر القواعد الخادمة لفروع المذهب، وتدافع عن مسلك أئمة هذا المذهب في الاجتهاد، كما إن هذه الطريقة، هذا هو نهجها، أليّقُ بالفروع وأمسُ بالفقه كما يقول العلامة ابن خلدون.


طريقة ثالثة في البحث :


وجدت طريقة ثالثة في البحث، تقوم على الجمع بين الطريقتين، والظفر بمزايا المسلكين، فتعنى بتقرير القواعد الأصولية المجردة التي يسندها الدليل، لتكون موازين للاستنباط، وحاكمة على كل رأي واجتهاد، مع التفات إلى المنقول عن الأئمة من الفروع الفقهية، وبيان الأصول التي قامت عليها تلك الفروع، وتطبيق القواعد عليها، وربطها بها، وجعلها خادمة لها، وقد اتبع هذه الطريقة علماء من مختلف المذاهب : كالشافعية، والمالكية والحنابلة، والجعفرية، والحنفية.

ومن الكتب المؤلفة على طريقة المتكلمين:

  • کتاب «البرهان» لإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني الشافعي المتوفى سنة 413 هجري.
  • وكتاب «المستصفى» لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الشافعي المتوفى سنة 505 هجري، وقد لخص هذه الكتب فخر الدين الرازي الشافعي المتوفى سنة 606م كما لخصها أيضا وزاد عليها الإمام سيف الدين الآمدي الشافعي المتوفى سنة 631هجري في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام).

أهم الكتب على طريقة الحنفية:

  • فمن أهم الكتب المؤلفة على طريقة الحنفية، كتاب الأصول لأبي بكر احمد ابن علي المعروف بالجصاص المتوفي سنة ۳۷۰هجري .
  • كتاب «الأصول» لأبي زيد عبد الله ابن عمر الدبوسي المتوفى سنة 430 هجري.
  • كتاب «الأصول» لفخر الإسلام علي بن معدن البزدوي المتوفي سنة 483م، وشرحه المسمى: (كشف الأسرار) لعبد العزيز بن أحمد البخاري المتوفي سنة ۷۳۰م.

شارك المقالة: