الذي يتولى قتل المرتد:
إن الذي يتولّى قتل المرتد هو الإمام أو نائبه مطلقاً، أي سواءٍ كان المرتد، حرّاً أو عبداً، وعلى هذا الأمر قالوا أئمة العلم. ويرى الشافعي في أحد الوجهين عنه أن قتلْ العبد لسيده، والظاهر الأول فإن قتله غير الإمام، فقد أساء ويُعزر، ولا ضمان عليه؛ لأنه قتلٌ غير معصوم الدم، سواء قتله قبل الاستتابةِ أو بعدها، ويُقتل بأيسر الآلات قتلاً كالسيف والبندقية، ونحو ذلك، ولا يجوز قتله بإحراق المرتدين وذلك لأمرين:
الأول: وهو مخالفة للنصوص الصريحة كما مضى.
الثاني: هو إن ثبوت ذلك كان عن أبي بكر ويحتاج إلى بحث والغالب كان هو عدم صحة ذلك عنه.
مُلك المرتد:
اختلف العلماء في ملك المرتد، أهل يزول بردّته أو لا يزول؟
– لقد ذهب البعض إلى أن مُلكه يزول وموقوفاً إلى أن يتبين حاله، فإذا أسلم والتزم بإسلام، فإنه يعود إلى حاله وملكه، وإن لم يكن كذلك فقد يستمرُ زوال مُلكه، وهذا كان مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وأصح قولي الشافعي.
– أما هناك آخرون ذهبوا إلى أنه لا يزول، إلى أن يُقتل أو يموت على ردته؛ لأنه مكلفٌ محتاج مثل المحكوم عليه بالقصاص، أو الرجم، إذا كل منها مكلفٌ مباح الدم، وهذا قول مالك ورواية لأحمد وقولٌ آخر للشافعي.
وحجة أبي حنيفة أنه كافر حربي مقهور تحت أيدينا إلى أن يُقتل، وذلك يوجب زوال الملك، ولكن لما كان مدعواً إلى الإسلام ويرجى أنه يعود إليه توقّف في أمره، فإن أسلم اعتبرت حالة الارتداد عارضة في حكم العدم ورجع ملكه إليه،
وإلا صار زواله نافذاً فعلاً بقتله أو موته مرتداً.
– أما الرأي الثالث كان هو أن ملكه يزول أصلاً بمجرد ردّته، فإن عاد إلى الإسلام، عاد إليه تمليكاً مستأنفاً، وإلّا بقي على ما هو عليه من عدم استحقاقه.
فالذي يظهر هنا عدم زوال ملكه، ولذلك قال ابن المنذر: أجمع على هذا الأمر كل من نحفظ عنه من أهل العلم. ويوضع ماله في حال ردّته على الرأيين الأول والثالث عند ثقة من المسلمين، وأما عند امرأة ثقة من المسلمات حتى يتبين أمره.