من العلامات التي لم تقع - تكلم الشجر والحجر

اقرأ في هذا المقال


من العلامات التي لم تقع – تكلم الشجر والحجر:

أولاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبيءَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجر: يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه. إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ” أخرجه البخاري.
ثانياً: عن أبي عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” تُقاتكلم اليهودُ، فتُسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا هذا يهودي ورائي فاقتلهُ” وفي رواية أخرى عنه جاء فيها “تقتتلون أنتم ويهود” أخرجه مسلم.
شرح الحديث:
إن تلك الأحاديثُ تشيرُ إلى قتال اليهود في آخر الزمان، وبالتالي فقد تتضمن هذه الأحاديث بشارةً للأمة بالانتصار عليهم وهزيمتهم وكسر شوكتهم، وهذه البشرى التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام من خلال عدة أحاديث كانت مدار اختلاف العلماء، وجلّ اختلافهم كان في المرحلة الزمنية التي تنتمي إليها، فهل هي أيامُ الدّجال لعنهُ الله، أو قبل ذلك، فإنّ هذا الاختلاف توقف عنده الكثير بين متأملٍ لتلك الأحاديث، أو باحث عن كل شاردة وواردة تبين المراد بها، خاصة أن هذه الأحاديث لها علاقة مباشرة بواقعنا المعاصر، وتمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل فكان خلاصة جهدي هذا الوقفات التي ضمنتها بعض التساؤلات، وذلك على النحو التالي:

  • ما هو زمان هذه المعركة: إنّ الأحاديث التي ذكرت هنا فإنها تتحدث عن معركة بين المسلمين واليهود، ينتصر فيها المسلمون، ويؤيدون فيها بنصراتٍ خاصة من الموجودات مثل الحجرِ، وقد عبّر النبي عليه الصلاة والسلام عن هذه المعركة بصيغةِ المضارع الدالة على الاستقبال؛ أي أن هذه المعركة ستحصلُ مستقبلاً، وفي بعض روايات الحديث قرَنها النبي عليه الصلاة والسلام بالساعة، أو أنها بين يدي الساعة، وكذلك يلحظُ على هذه الأحاديث وغيرها من الروايات الكثيرة لها أنها تكلمت عن قتال اليهود للمسلمين دون أن يذكر الدّجال في المعركة، وقد اختلف العلماء في توقيت وزمان هذه المعركة على رأيين وهما ما يلي:
    الأول: إنّ أكثر العلماء خاصةً القدامى يرون بأن المراد بهذه المعركة ما يكون بين المسلمين وبين الدّجال وشيعته من اليهود من معارك آخر الزمان، والذي حملهم على هذا الفهم عدة أمور لا تتضح لنا إلا إذا سقنا بعض الأحاديث التي تحدثت عن معركة المسلمين مع الدّجال.
    الثاني: ويرى بعض العلماء المعاصرين، أن مجموع هذه الأحاديث تتحدث عن مرحلتين من مراحل قتال اليهود، وعن معركتين مع اليهود وليس معركة واحدة وهما:
    المعركة الأولى: وهي التي يتم فيها إذلال اليهود والإساءة إليهم وتدمير قوتهم وكسر شوكتهم، وتحويل اليهود بعدها إلى قوم أذلاء مستضعفين، ومجموعات مشتتة في الأرض، وهذه المعركة هي التي تشير إليها سورة الإسراء عند حديثها عن الإفساد الثاني لبني إسرائيل وذلك لقوله تعالى: “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” الإسراء:7.
    المعركة الثانية: يتم فيها القضاء على اليهود نهائياً، وهذه المعركة هي التي تُحمل عليها الأحاديث التي ذكرت قتال المسلمين للدّجال واليهود، حيث سيخرج الدّجال من جهة المشرق ويتبعهُ سبعون ألفاً من يهود أصبهان في إيران، وفي هذه المعركة يحارب عيسى عليه السلام الدّجال فيقتلهُ عند باب لدّ في فلسطين، ويُسلط المسلمون على شيعة الدّجال وأنصاره وأكثرهم من اليهود فيقتلونهم ويقضون عليهم نهائياً.
  • لماذا الشجر والحجر: نلاحظ من الأحاديث السابقة بأنها دققت على نوعين من الموجودات دون سواهما يُنصر بهما المسلم وهما الشجر والحجر، وقد يطرح هنا سؤالٌ: لماذا الشجر والحجر بالذات دون غيرهما؟ وهذا التساؤل قد يصعب الإجابة عليه في الماضي، أو قد يقف المسلم في الإجابة على نتيجةً يتفق عليها الجميع تتوافق وطبيعة النصرات الإلهية وهي: أنّ كل شيء في هذا الكون هو جندي من جنود الله، يُسلطه على من يشاء كيفما شاء، فالريح سلطت على عاد والطوفان على قوم نوح والبحرِ على فرعون، والشجر والحجر على اليهود في آخر الزمان.
    هناك نتيجةٌ اتفقوا عليها، وهي نتيجةً عامة تحكم طبيعة تصورنا للنصرة الإلهية، والقدرة الربانية، وهي لا تمنع من البحث عن الحكمة من اختصاص النصرة على اليهود بالشجر والحجر دون غيرهما، فالاختصاصُ هنا له حكمته، والتساؤل هنا يدور فقط حول هذه الحكمة بحثاً عنها، لعلنا نستفيد منها في تصور طبيعة المرحلة التي نعايشها.
  • لماذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على نهاية الصراع مع اليهود دون أن يتطرق إلى تجمعهم في فلسطين وإفسادهم في الأرض وإذلالهم للمسلمين؟
    لقد تبين في الراجح في الوقفة الأولى ان بعض الأحاديث دلت على أن هناك معركة بيننا وبين اليهود تكون سابقة للمعركة الكبرى أيامك الدّجال، ودلائل الواقع تشير إلى أن هذه المعركة هي التي يتم فيها القضاء على دولة إسرائيل الحالية. والحقيقة أن إخبار النبي عليه الصلاة والسلام عن معركة سيتم فيها إنهاء كيان يهود في فلسطين.

شارك المقالة: