تعريف الخوارج:
الخوارج: هم عبارة عن الأشخاص الذين خرجوا على عليّ رضي الله عنه بعد قبوله التحكيم في موقعة صفين، ولهم ألقابٌ أخرى عُرفوا بها غير لقب الخوارج، وهناك ألقابٌ أخرى لهم، وهي الحرورية والشراة والمارقة والمُحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة، فإنهم يُنكرون ما رِقين من الدين كما يمرق السهم من الرميّة.
ظهور الخوارج:
إن الخوارج هم عبارة عن فرقة إسلامية، نشأت في عهد الخليفة عثمان بن عفان وبداية عهد علي بن أبي طالب في النصف الأول من القرن الأول الهجري، وبالذات فترة حرب”صفين” التي حدثت بين علي بن أبي طالب الخليفة الشرعي وبين معاوية بن أبي سفيان، الذي حاول الاستئثار بالحكم، وكان رأيهُ هو أن عليّاً سيكسبُ الحرب لو استمرت فأمر بمشورة من عمرو بن العاص برفع المصاحف، فانجرّ إلى التحكيم. وكان من اعترض على قبول التحكيم هم أنفسهم. كانوا قد أجبروهُ عليه من قبل واعترفوا به وثقة التاريخ، وهذا يُكذب ادعاء البعض من أن الخوارج كانوا هم المعارضين للتحكيم من أول الأمر. وهؤلاء حكموا على عليّاً بالكفر بقبوله التحكيم الذي أجبِروا عليه.
ما هي معتقدات أصحاب الخوارج:
ومن علامات الساعة الصغرى هي ظهور بعض الفرق المخالفة لمنهج النبي عليه الصلاة والسلام، والصحابة الكِرام، ومن معتقداتهم هي ما يلي:
- تكفير مرتكب الكبيرة: مثل الزاني وشارب الخمر، وأنه يُخلد في النار، وهذا ظلالٌ مبين، والحقّ أن المسلم إذا ارتكب هذه الكبائر لا يكفر، لكنه يكونُ عاصياً فاسقاً بفعلها، وعليه التوبة والإقلاعُ عن معصيته. وقد استدلوا على معتقدهم هذا بأدلة منها قوله تعالى:”بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”البقرة: 81. فاستَدلوا بهذه الآية على تخليدِ أصحاب المعاصي في النار، وقالوا إنه لا أمل هناك للعاصي الذي يموت على معصيته في رحمة الله، فقد زعموا أن الخطيئة تُحيط بالإنسان فلا يبقى له معها أيّ حسنةً مقبولة حتى الإيمان فإنها تُذهبه. ولكن الأمر كان عكس ما ما ذهبوا إليه تماماً، وهذه الآية نفسها تردّ مذهبهم، فقد نصت على أن من أحاطت به خطيئته فإنه يُخلد في النار، وليس هناك خطيئة تحيط بالإنسان وتُحبط أعماله، ويُخلد بسببها في النار، إلا الكُفر والشرك بالله.
- تكفيرُ علي ومعاوية رضوان الله عليهما وكثير من الصحابة الذين رضوا بالتحكيم.
- الخروج على الحُكام الفّساق الذين لم يثبت وقوعهم في الكفر ويدّعون العلم، ويُجهدون أنفسهم بالعبادة، ويجهلون أحكام كتاب الله، ومن هؤلاء: ذو الخويصرةِ الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام:”يمرُقون من الدين كما يمرقُ السهم من الرّميّة”.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يخرجُ آخر الزمان قومٌ أحداثُ الأسنان أيّ” صغار السن”. وسفهاء الكلام أي”صغار العقول”. يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم أيّ لا يفهمونه ولا يعلمون ما فيه”. يقولون من قول خير البرية أي” يرون الأحاديث ولا يفهمون معناها”. يمرقون من الدين كما يمرقُ السهم من الرمية”. متفق عليه. - وإن النجدات من الخوارج يرونَ إنه لا حاجة إلى إمامٍ إذا أمكن الناس أن يَتناصفُوا فيما بينهم، فإن رأوا إن التناصف لا يتم بإمام يحملهم على الحق فأقاموهُ فقد جاز، فإن إقامة الإمام في وجهة نظرهم، ليست واجبةً بوجوب الشرع، ولكنها جائزة، وإذا وجبت فإنما تجب بحكمِ المصلحة والحاجة.
كيف بدأت الخوارج:
إن بعد انتهاء معركة صفين، واتفاق أهل الشام والعراق على التحكيم بين الطائفتين، ورجوع علي رضي الله عنه إلى الكوفة؛ فارقه الخوارج، وكانوا عددهم في جيشه ثمانية آلاف رجل، وقيل ستة عشرَ ألف رجل ونزلوا حروراء. فأرسل عليهم ابن عباس رضي الله عنهم فناظرهُم، فرجع بعضهم إلى طاعة علي رضي الله عنه خليفة المسلمين، وبقي بعضهم على ضلاله، فخَطبهم عليّ رضي الله عنه في مسجد الكوفة، فتنادوا من جوانب المسجد:” لا حكم إلا لله”. وقالوا أيضاً: أشركت وحكمت الرجال، ولم تحكم كتاب الله. فقال لهم علي: لكم علينا ثلاث: أن لا نمنعكم من المساجد، ولا من رزقكم في الفيء ولا نَبدؤكم بقتال ما لم تُحدثوا فساداً. ثم إنهم تجمعوا وقتلوا من مر بهم المسلمين؛ فقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت، وشقّوا بطن زوجته. فلما علم عليّ رضي الله عنه سألهم: من قتله؟ فأجابوا قائلين: كلنا قتلهُ. فتجهز عليّ لقتالهم والتقى معهم في موقعة النهروان، فهزمهم شرّ هزيمة.