من هم الأشخاص الذين هلكوا من قوم ثمود؟

اقرأ في هذا المقال


الهالكون من قوم ثمود:

لقد أهلك الله الكافرين من الملأ ومن قوم ثمود الذين كذبوا نبي الله صالحاً عليه السلام، في أمر دعوته فكذبوا صالحاً، واستهزؤا به وقالوا عنه مسحور ومجنون، فطنعوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد واستكبروا، وعثوا في الفساد، وعتوا عن أمر نبيهم، فقتلوا الناقة المعجزة التي جاء بها نبيهم صالح كآية ودليل ودليل قاطع على صدق نبوته، إلا أن القوم استعجلوا العذاب على المغفرة ساخرين بذلك من نبي الله صالح عليه السلام، وبالرغم من كل ذلك لم يدخر نبيهم صالح جهداً في دعوتهم إلى الإيمان بالله تعالى، ولكن كان الأشراف من القوم والسادة والكبراء سدّاً منيعاً في وجه الدعوة وفي وجه من يُريد الإيمان من الضعفاء وكانوا هم حاملوا لواء التصدي لنبي الله صالح عليه السلام، ويُلفقون إليه التهم التي ذكرت في القرآن الكريم.
قال تعالى: “قال الّذين استكبروا إنّا بالذي ءامَنتم به كافرون” الأعراف:76.لقد أشار الطبري في تفسيره إلى تكذيب الملأ بنبوة صالح عليه السلام، فقال تعالى: “قَالَ الّذين استَكبَروا” تكبروا واستعلوا عن أمر الله تعالى وأمر رسوله صالح عليه السلام. :إنّا أيّها القوم الذين آمنتم مع صالح واتبعتوه “بالذي ءامنتم به” يقول: بالذي صدقنم به من نبوة صالح، وأن الذي جاء به حق من عند الله “كافِرُون” يقول: جاحدون منكرون، لا نصدّق به ولا نقره في أنفسنا.
وذكر الرازي في تفسيره: وقال المستكبرون: بل نحن كافرون جاحدون بما جاء به صالح، ويبّين هنا الإمام الرازي سبب ذلك الكفر والتكذيب، فيقول: وهذه الآية من أعظم ما يحتجّ به في بيان أن الفقر خير من الغنى، وذلك؛ لأن الاستكبار إنّما يتولد من كثرة المال والجاه والاستضعاف إنما يحصل من قلتهما، فبين تعالى أن كثرة المال والجاه حملهم التمرد والإباء، والإنكار والكفر، وقلة المال والجااه حملهم على الإيمان، والتصديق والانقياد، وذلك يدلُ على أن الفقر خير من الغنى.
وفي مواضع أخرى فقد ذكر الله تعالى كفر وتكذيب قوم ثمود لنبي الله صالح عليهما السلام، فقد أخبر الله بذلك في كتابه فقال: “كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ” هود:68. قال أبو السعود: “كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا” أي كأنهم في بلادهم أو في مساكنهم وهو في موقع الحال أي أصبحوا جاثمين مماثلين لمن لم يوجد ولم يقم في مقام قط، “ألّا إنّ ثموداً” وضع موضع الضمير لزيادة البيان، “كفروا ربّهم” أي صرح بكفرهم مع كونه معلوماً مما سبق من أحوالهم، تقبيحاً لحالهم، وتعليلاً لاستحقاقهم بالدعاء عليهم بالبعد والهلاك.
قال السيد قطب: ثم يعرض السياق معبّباً منهم، ومن سرعة زوالهم: فقال تعالى: “كأن لم يغنوا فيها” أي كان لم يقيموا ويتمتعوا، وإنه لمشهد مؤثر، وإنها للمسة مثيرة، والمشهد معروض، وما بين الحياة والموت بعد أن يكون إلّا لمحة كومضةٍ العين، وإذا الحياة كلها شريط سريع، كأن لم يغنوا فيها، ثم الخاتمةُ المعهودة في هذه السورة، تسجيل الذنب وتشييع اللعنة وانطواء الصفحة من الواقع ومن الذكرى.
قال تعالى: “إنّ ثموداً كفروا ربّهم ألا بعداً لثمود” ومرةً أخرى نجد أنفسنا أمام حلقةٍ من حلقات الرسالة على مدار التاريخ الدعوة فيها هي الدعوة، وحقيقة الإسلام فيها هيحقيقة عبادة الله وحده بلا شريك، والدينونة لله وحده بلا منازع ومرةً أخرى نجد الجاهلية التي تعقب الإسلام، ونجد الشرك الذي يعقبُ التوحيد، فثمود كعاد هم من ذراري المسلمين الذين نجوا في السفينة مع نوح ولكنهم انحرفوا فصار إلى الجاهلية، حتى جاءهم صالح ليردهم إلى الإسلام من جديد، ثم نجد أن القوم يُواجهون الآية الخارقة التي طلبوها، لا بالإيمان والتصديق، ولكن بالجحود وعقر الناقة.
ويُلاحظ الباحث بأن الملأ من قوم ثمود هم الذي كفروا بدعوة ونبوة صالح عليه السلام، وكل ذلك بسبب المال الذي كانوا يمتلكونه، فكان المال من الأسباب الرئيسية لجعلهم من المتكبرين في الأرض، والساعين فيها بالفساد والتجبر على الضعفاء والمساكين، ولعل هذا ما أشار الإمام الرازي إليه.
قد ذكر محمد الأمين الشافعي في تفسيره: دعا صالح عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده، وأن يطيعوه فيما بلغهم من رسالة ربهم، فأبوا وكذبوا بعد أن أتى لهم بالآيات المُصدقة لرسالته، فأخذهم العذاب، وزلزلت بهم الأرض، ولم تبق منهم دياراً ولا نافخ نار. قال تعالى: “كَذّبت ثمودُ بالنُذُر” القمر:23. قال القرطبي: هم قوم صالح كذبوا الرسل ونبيهم أو كذبوا بالآيات التي هي النُذر.


شارك المقالة: