من هم الذين كذبوا دعوة النبي صالح عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


المكذبون بدعوة النبي صالح عليه السلام:

إنّ لكلِ دعوةٍ مُصدقاً ومكذباً، فنبيّ الله صالح عليه السلام أرسلهُ الله لدعوة قومه ثمود لعبادة الله وحده لا شريك له، فكانَ القوم ما بين مُصدقٍ ومكذب، وكان كل فريق يُجادل الآخر على أنه الفريق المحق، فآمن بنبي الله صالح الفئة القليلة من القوم وكانوا من الضعفاء، وكفر وكذب بدعوة نبي الله صالح عليه السلام الفئة القليلة من القوم، وكان المكذبين معظم القوم وأكثرهم وهؤلاء المكذبون الضالون المضلون من أشراف القوم وسادته والكبراء منهم، وتبعهم السفهاء من القوم وعلى الكفر والتكذيب والجحود بدعوة صالح عليه السلام وبآيات الله تعالى التي بعث بها صالح عليه السلام مصدقة لع في دعواهُ ونبوته، ولكن القوم أنكروا ذلك، وكفروا بالناقة التي هي المعجزة الحسية الخارقة التي طلبوها هُم، فقتلوا الناقة واستكبروا في الأرض، وهذا دين من استحوذ الشيطان على عقله وقلبه، فاتبع هوى هذه النفس الأمارةِ بالسوء، واتبع خطوات الشيطان، وأعرض عن قول الله وقول نبيه، فهذا الصنف من الناس هم الخاسرون في الدنيا والآخرة إن لم يرجعوا إلى قول ربهم ونبيهِ. فقال تعالى: “قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَفَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ” الأعراف:76-77.
ذكر الطاهر ابن عاشور في تفسيره: عدل الملأ الذين استكبروا عن مجادلة صالح عليه السلام إلى اختبار تصلب الذي آمنوا به في إيمانهم، ومحاولة إلقاء الشك في نفوسهم، ولما كان خِطابهم للمؤمنين مقصوداً به إفساد دعوة صالح عليهم السلام، كان خِطابهم بنزلة المحاورة مع صالح عليه السلام، ووصفهم بالذينَ استكبروا هنا لتفظيعِ كبرهم وتَعاظمهم على عامة قومهم، واستذلالِهم إياهم، وللتنبيهِ على أن الذين آمنوا بما جاءهم به صالح عليه السلام هم ضعفاء قومه، واختيار طريق الموصلة في وصفهم ووصفَ الآخرين بالّذين استضعفوا لما تومئ إليه الصلةُ من وجه صدور هذا الكلام منهم، أي إنّ استكبارَهُم هو صارِفهم عن طاعةِ نبيهم، وأن احتقارهم المؤمنين هو الذي لم يسغ عندهم سبقهم إياهم إلى الخير والهدى.
قال السعدي: إنّ حملهم الكِبر أن لا ينقادوا للحق الذي انقاد إليه الضعفاء، وقال تعالى مخبراً عن موقف الملأ من قوم ثمود بدعوة نبي الله صالح عليه السلام، وهم يُكذبونه في دعوته، ويُشككون فيها، فقال تعالى: “وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ” هود:62.
ثم بدأ القوم يُنكرون دعوة نبي الله صالح عليه السلام ويتهمونه بالسفاهةِ والجنون، مع أن القوم كانوا يرجون أن يكون صالحاً سيداً عليهم لما فيه من صفات السيادة والقيادة، لكن الأشراف من القوم كادوا به وبدعوتهِ، وقتلوا الناقة المعجزة، وكذبوا بدعوة صالح عليهم السلام، ولم يقف آذى قوم ثمود عند هذا الحد بل أنه تعدى ذلك إلى محاولة قتله واجتماعهم على ذلك، فقال تعالى: “وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَقَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ” النمل:48-49.
ولم يقف قوم ثمود عند هذا الحدّ بل قالوا: إنما أنت من المُسحرين، ونفسُ الشبهة التي اعتّاد عليها المكذبون، ما أنت إلّا بشرٌ مثلنا ولو شاء الله لأنزل علينا ملائكة من عنده، فقال تعالى: “قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ” الشعراء:153-154.
وتمادى قوم ثمود في الكفر في دعوة نبي الله صالح عليه السلام حتى وصل بهم الحد إلى أن يقولوا لنبيهم الذي بعث فيهم وتكذيبهِ، واستعجَلوا العذاب على المغفرة، وحذرهم صالح من التعرض للناقة المعجزة الخارقةِ، فأبى القوم أن يسمعوا النصيحة، فكذبوا صالحاً عليه السلام وقتلوا الناقة، فَجاء الغضب من رب السموات والأرض عليهم بكفرهم وقتلهم الناقة، فأخذهم العذاب الأليم.
ونستنتج من هذا القول هو أن قوم ثمود عندما جاءهم النبي صالح عليهم السلام انقسموا إلى قسمين، قسم مؤمن ومصدق متبع للهدى ودين الحق، وفريقٌ مكذب متصدق للحق
إن الذين يكذبون دائماً يحملون لواء التكذيب والإعراض عن الحق، والتصدي لدعوة الحق هم السادة والكبراء من القوم، وذلك كله خوفاً على مناصبهم ومُلكهم.
كان الملأ من قوم ثمود هم أعداء نبي الله صالح عليه السلام، وكانوا سدّاً منيعاً في وجه الضعفاء والناس الذين يريدون الإيمان بالهدى ودين الحق.
إن الملأ دائماً يتهمون أصحاب الرسالات والدعوة من بال الكراهية والحسد.
أنه بعد ما أصرّ القوم على الكفر واستَعجلوا العذاب عن المغفرة ولم ينتصِحوا بنصيحةٍ نبي الله صالح عليه السلام ووقعَ بهم العذاب والهلاك من الله تعالى.
انتهت قصة نبي الله صالح بعدما أهلك الله قومه بالعذاب الأليم، بسبب كفرهم وعصيانهم أمرُ نبيهم وقتلهم ناقةُ الله فنزل بهم غضب من الله تعالى.


شارك المقالة: