من هو نوح عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


نوح عليه السلام:

النبيّ نوح عليه السلام، هو أول رسولٍ إلى أهل الأ بعد الأرض بعد آدم عليه السلام، وكان أول رسولٍ بعثهُ الله إلى أهل الأرض من المُشركين عبدةَ الأصنام، وذلك بعد أن مكث الناسُ زمناً طويلاً على الهُدى ثم اختلفوا، وزيّنَ لهم الشيطان سوءِ أعمالهم فقد فضلوا وأضلوا. ويشهدُ لأوليتهِ حديث الشفاعة الكبرى يوم القيامة حين ياتي الناسُ إلى الانبياء عليهم السلام ليشفعوا لهم عند ربهم، فعندما جاؤوا نوحاً عليهم السلام قالوا: “يا نوح، انتَ أولُ الرسل إلى اهل الأرض، وسماك الله عبداً شكورا، أمَا ترى إلى ما نحنُ فيه، ألّا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفعُ لنا إلى ربك” صحيح البخاري، كتاب احاديث الانبياء.
لقد اشتهر عند كثيرٍ من المؤرخين أنّ إدريس عليه السلام قبل نوح، وهذا غير صحيح؛ لأن الله تعالى قال: “إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ” النساء:163. وإدريس عليه السلام من النبيين، ويقول سبحانه وتعالى: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا“مريم:56. إلى أنّ قال تعالى: “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ” مريم:58. وقال الله تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ” الحديد:26. وعندما ورد في حديث الشفاعة السابق، فلا رسول قبل نوح إلا آدم عليه السلام فقط. ولذلك قال ابن العربي: ومن قال من المؤرخين بأن إدريس كان قبلهُ فقد وَهِم.
وقد جعل الله تعالى نوحاً عليه السلام من أُولي العزم من الرسل، يقول تعالى: “فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ” الأحقاف:35. فقد قال الشنقيطي في أضواء البيان: أنه اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل في هذه الآية الكريمة اختلافاً كثيراً، وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدٌ عليهم الصلاة وأفضل التسليم.

نسب نوح عليه السلام:

لقد اختلفَ البعض اختلافاً كبيراً، وأن أكثر ما جاءنا عن طريق أهل الكتاب في ذلك، والذي ذكره ابن كثير ومعظم مؤرخي أهلُ الإسلام أنه: نوحُ بن لامِك بن مَتُوشلح بن خنوخ وهو نفسهُ النبي إدريس عليه السلام بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش اينُ شِيث بن آدم أبي البشر عليه السلام كان مولدُ بعد وفاةِ آدم بمائةٍ سنةٍ وستً وعشرين سنة، وزعمهم بأن خنوخ أو أخنوخ هو نفسه النبي إدريس. وحسب ما ثُبت بأدلة القرآن والسنة أنّ إدريس عليه السلام ما جاء إلا بعد نوح عليهما السلام جميعاً.

عمر نوح عليه السلام:

أما عُمر النبي نوح عليه السلام فلا نعلمُ كم هو بالتحديد، إلا أننا نعلمُ يقيناً أنهُ مكثَ في دعوة قومهِ “950” عاماً، أما قبل ذلك، وبعد أن أخذهم الطُوفان فلا نعلم كم عاش من الوقت، حيث كان الأقوام يعيشون فترةً طويلة الزمن ممتدةً العمر، وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما يقول الله فلبث فيهم” ألفَ سنةٍ إلى خمسين عاماً.
وبعد انتهاء نوح عليه السلام من صنع السفينة، فقد بدأت علاماتُ العذاب تظهر ، وأرسل الله عزّ جلالهُ مطراً غزيراً لم تعهد به الكرةَ الأرضية من قبله، كأنه أفواه القرب، وأمر الأرض أن تتفجر فيها المياه، فنبَعت من جميع فِجاجها وسائر أرجائها، فاجتمع ماءُ السماء وماء الأرض من أجلِ أن يحصل الطوفان العظيم الذي قدره الله لهلاك الكافرين، فيقول تعالى: “فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِروَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِر” القمر:11-12. قال ابن كثير: قال الله تعالى: “فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِر” القمر:11. وقال السّدي: “وفجرنا الأرض عُيوناً” فالتقى الماء، أي أمرٌ مقدر، فأمر الله تعالى نوحاً عليه السلام أن يحمل معه في السفينة من كلِّ صنفٍ من الأحياء والحيوانات زوجين من الذكر والأنثى؛ وذلك من أجل أن تبقى بعد غرقٍ سائر الأحياء فتتناسلُ ويبقى نوعها على الأرض، وكذلك أمرَ نوحاً عليه السلام أن يحمل معه في السفينة جميع أهله وأقاربه باستثناء من كفر منهم بالله، كما أمرهً أن يحمل معه المؤمنين من غير أقاربه، وقد كانوا قلة، يقول تعالى: “حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” هود:40.
ورد عن ابن عباس: أن التنور هو وجه الأرض، أي صارت الأرض عُيوناً تفورُ، حتى فار الماءُ من التنانيرُ التي هي مكان النار، صارت تفورُ ماءً، وهذا قولُ جمهورُ السلفِ وعُلماء الخلف “تفسير القرآن العظيم، ابن كثير”.
ثم استوت السفينة على جبل الجودي، ورست في ذلك الجبل، وأمر الله نوحاً عليه السلام أن ينزل منها إلى الأرض، فهبط عليه السلام هو ومن آمن معه وذرياتهم ممن ستنالُهم بركة الله، كما أخبر سبحانه أن منهم من سينحَرفون عن جادة الحق، وسيُغويهم الشيطان، ويؤدي بهم إلى عذاب الله في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: “قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ” هود:48.
وبذلك انتهت قصة هؤلاء الكافرين الذين لم يستجيبوا لأمر نبيهم، بل فضلوا الخضوع للأصنام عن الخضوع لرب الأنام، والعاقل هو الذي يتعظ بغيره، فقد نبهنا الله بأن ننظر إلى عاقبة المنذرين.


شارك المقالة: