هل مقر إبراهيم عليه السلام في السماء؟

اقرأ في هذا المقال


مقر إبراهيم عليه السلام في السماء:

لقد ذكرت السنة النبوية أن بعض الأنبياء مقرهم في السماء، ومن هؤلاء نبي الله إبراهيم عليه السلام، وقد أخبر عن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم حينما صعد إلى السماء في حادثةِ الإسراء والمعراج ورؤيته صلّى الله عليه وسلم لأشياء رحلته.
ولأن الحديث عن إبراهيم عليه السلام، كان لا بدّ من البحث عن حاله بعد مماته عليه السلام، وهو ما أخبرنا عنه صلّى الله عليه وسلم فيما رآه في حادثة المعراج حين أعرج به إلى السماوات العُلا، فكان مما رأى عليه الصلاة والسلام وأخبرنا به ما رواه البخاري من حديث أنس بن مالك يقول من ضمن الحديث “أن إبراهيم كان في السماء السادسة” صحيح البخاري.

بعض الأحاديث التي تدل على أن إبراهيم في السماء:

وهناك روايةٌ أخر عند البخاري تقول أن إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، من حديث أنس بن مالك عن مالكٍ بن صعصعة رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بَيْنا أنا عِنْدَ البَيْتِ بيْنَ النَّائِمِ والْيَقْظانِ، إذْ سَمِعْتُ قائِلًا يقولُ: أحَدُ الثَّلاثَةِ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَأُتِيتُ فانْطُلِقَ بي، فَأُتِيتُ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ فيها مِن ماءِ زَمزَمَ، فَشُرِحَ صَدْرِي إلى كَذا وكَذا، قالَ قَتادَةُ: فَقُلتُ لِلَّذِي مَعِي ما يَعْنِي قالَ: إلى أسْفَلِ بَطْنِهِ، فاسْتُخْرِجَ قَلْبِي، فَغُسِلَ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكانَهُ، ثُمَّ حُشِيَ إيمانًا وحِكْمَةً، ثُمَّ أُتِيتُ بدابَّةٍ أبْيَضَ، يُقالُ له: البُراقُ، فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عليه، ثُمَّ انْطَلَقْنا حتَّى أتَيْنا السَّماءَ الدُّنْيا، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقِيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفَتَحَ لَنا، وقالَ: مَرْحَبًا به ولَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ، قالَ: فأتَيْنا علَى آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وساقَ الحَدِيثَ بقِصَّتِه، وذَكَرَ أنَّه لَقِيَ في السَّماءِ الثَّانِيَةِ عِيسَى، ويَحْيَى عليهما السَّلامُ، وفي الثَّالِثة يُوسف، وفي الرَّابِعَةِ إدرِيسَ، وفي الخامِسَةِ هارُونَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقْنا حتَّى انْتَهَيْنا إلى السَّماءِ السَّادِسَةِ، فأتَيت علَى مُوسَى عليه السَّلام، فَسَلَّمْت عليه، فقالَ: مَرحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنبيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَا جاوَزتُهُ بَكَى، فَنُودِيَ: ما يُبْكِيكَ؟ قالَ: رَبِّ، هذا غلامٌ بَعَثتَهُ بَعدِي يَدخُلُ مِن أُمَّتِه الجَنَّةَ أكْثَرُ ممَّا يَدْخُلُ مِن أُمَّتِي، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقْنا حتَّى انْتَهَينا إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، فأتَيْتُ علَى إبْراهِيمَ، وقالَ في الحَديثِ: وحَدَّثَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّه رَأَى أربَعَةَ أنْهارٍ يَخرُج مِن أصْلِها نَهرانِ ظاهِرانِ، ونَهرانِ باطِنانِ، فَقُلت: يا جِبرِيلُ، ما هذِه الأنْهارُ؟ قالَ: أمَّا النَّهْرانِ الباطِنانِ فَنَهْرانِ في الجَنَّةِ، وأَمَّا الظّاهِرانِ: فالنِّيل والْفُرات، ثُمَّ رُفِعَ لي البَيتُ المَعمُورُ، فَقُلتُ: يا جِبرِيلُ ما هذا؟ قالَ: هذا البَيْتُ المَعمُور يَدْخلُهُ كُلَّ يَومٍ سَبْعُون ألْفَ مَلَكٍ، إذا خَرَجُوا منه لَمْ يَعُودُوا فيه آخِرُ ما عليهم، ثُمَّ أُتِيت بإناءَينِ أحَدُهما خَمرٌ، والآخَرُ لَبَنٌ، فَعُرِضا عَلَيَّ فاختَرتُ اللَّبَن، فقِيل: أصَبْتَ أصابَ اللَّهُ بكَ أُمَّتُكَ علَى الفِطرَةِ، ثُمَّ فُرِضَت عَلَي كُلَّ يَومٍ خَمسونَ صَلاةً، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّتَها إلى آخِرِ الحَديثِ. وفي رواية: وزادَ فِيهِ: فَأُتِيت بطَست مِن ذَهَب مُمتَلِئٍ حِكمَةً وإيمانًا، فَشُق مِن النَّحرِ إلى مَراقِّ البَطْنِ، فَغُسِل بماءِ زمزَمَ، ثمَّ مُلِئَ حكمَةً وإيماناً” كتاب صحيح البخاري.

هل إبراهيم عليه السلام كان في السماء السادسة أو السابعة:

لقد أثبت الحديث الشريف أن بعض الأنبياء عليهم السلام في السموات العُلا، وأن الله شرفَ بعضهم على بعض في الرفعة بالنسبة للسماواتِ، وإبراهيم عليه السلام ممن رآهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في السماوات، والروياتان تختلفان في مكان الخليل عليه السلام وهما:
فالروايةُ الأولى تُخبرنا أن إبراهيم عليه السلام في السماء السادسة، وأنّ موسى عليه السلام في السماء السابعة تكريماً له؛ لأنه كليمُ الله.
أما الروايةُ الثانيةُ تقول أن الخبر أتى ليُبين أنّ الخليل عليه السلام في السماء السابعة على غير ما في الرواية الأولى، ولقد أجاب النووي عن ذلك إن كان الإسراء مرةً واحدة؛ فإنه يكون رآه في السماء السادسة، ولعلّ الله رفعهُ إلى السابعة، وفي الحديث لفتةً جميلةً وهو قولُ إبراهيم عليه السلام لنبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، مرحباً بالإبن الصالح، يؤكدُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذُريتهُ عليه السلام.
ويُرجحُ ابن حجر بين الروايتين المختلفتين؛ بأن موسى عليه السلام كان في السماء السادسة، فصعد مع رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى السابعة؛ لأفضليتهِ بكلام الله ولمناسبتهِ الحديث عن فرض الصلوات في المعراج والتخفيف الذي أراده موسى عليه السلام، وأما إبراهيم عليه السلام فقد كان في السماء السابعة.


شارك المقالة: