وصايا النبي محمد في السفر:
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
إذا كانت هناك النية للسفر فيستحب الاستخارة لها، فعن جابر أنه قال: “{ إذا همّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ( ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي، وعاجل أمري وآجله فاقدره لي، ويسّره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلمه شراً لي في ديني ومعاشي، وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضّني به }” [البخاري].
كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يحب أن يخرج في يوم الخميس، قال كعب بن مالك: “لقلما كان رسول الله يخرج إذا خرج من سفر إلا يوم الخميس”. [البخاري].
وقد ورد في دعاء السفر أنه كان يقول: “{ أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من الضبنة في السفر – وهي ما تحت يده من مال وعيال ومن تلزم نفقته – وكآبة المنقلب، ومن الحور بعد الكور – الحور: النقض، والكور: اللف والإبرام – ومن دعوة المظلوم، ومن سوء المنظر في الأهل والمال }” [أحمد].
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلك يقول: “{ إذا عرّستم (نزلتم في السفر) فاجتنبوا الطريق، فإنها طريق الدواب، ومأوى الهوامّ بالليل }” [مسلم].
وكان الرسول الكريم محمد ينهى أن تسافر المرأة بغير محرم ولو حتى مسافة ليست بالكبيرة، وهو عند البخاري ومسلم بلفظ: “{ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم }”.
وكان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية يريد دخولها، قال حين يراها: “{ اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها }” [ابن خزيمة].
ومن وصايا النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – للمسافر تعهّد ما يركبه وأيضاً إعداد العدّة وحسن اختيار الرفقة الصالحة وأهمية والسفر مع الجماعة وأيضاً النهي عن التفرقة الوحدة والحمايةً من الأخطار المحتملة والمتوقعة، وأهمية الوقاية من كيد الشيطان ومن وسواسه، فقد جاء في الحديث الصحيح: “لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليلٍ وحده” رواه البخاري.
كما أنه قد ثبت عن النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – جملة من العديد من الأذكار والأدعية التي يقولها المسافر، وتكون هذه الأدعية بإذن الله تعالى سبباً في حفظه وتوفيقه وحمايته، منها أن يقول إذا ركب على دابته، واستقر عليها: “الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الى ربنا لمنقلبون، ثم يقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت” رواه أبو داود.
ومن ثم يقول: “اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطْوِ عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعْثَاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل” رواه مسلم.
وفي رواية الإمام أحمد : “اللهم اقبض لنا الأرض ، وهوّن علينا السفر”، وله أيضاً أن ينوّع في الدعاء فيقول: “اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا، اللهم أني أعوذ بك من الحور بعد الكور، ودعوة المظلوم، ومن سوء المنظر في الأهل والمال” رواه الترمذي، والمقصود بالحور بعد الكور : فساد الأمور بعد صلاحها.
وقد أرشد النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى وجوب إعطاء الراحلة نصيبها من الراحة والغذاء وذلك خصوصاً في مواسم الخصب، حتى تتمكّن تلك الراحلة من متابعة المسير، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النزول في وسط الطريق فقال: “إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنة -أيام القحط – فأسرعوا عليها السير، وإذا عرستم بالليل – أي نزلتم في الليل منزلاً – فاجتنبوا الطريق؛ فإنها مأوى الهوام بالليل” رواه مسلم.