التكامل ما بين حاسة السمع والبصر في فن الإلقاء الإعلامي

اقرأ في هذا المقال


‏حتى يُحدث الإعلامي أو الملقى التأثير على الجمهور المتلقى كتغيير الاتجاهات أو الأفكار التي تبناها، لا بُدَّ له من أن يعمد إلى تحقيق عنصر التكامل ما بين حاسة السمع والبصر لدى الجمهور المتلقى، ‏حيث أننا في هذا المقال سوف نتناول الحديث عن عنصر التكامل ما بين حاسة السمع والبصر في فن الإلقاء الإعلامي والإذاعي.

ما هو التكامل ما بين حاسة السمع والبصر في فن الإلقاء الإعلامي

‏هنالك العلاقة ذات الطابع الرسائلي الخفيف والمعقد بين حاسة النظر والسمع حيث أنها تتلازم وتلامس فيها القدرة السمعية مع الطاقة البشرية وهذا في كيان واحد، ولذلك إذا اختفى أحد تلك العناصر يعبِّر بشكل لا إرادي عن الآخر؛ أي إذا اختفت حاسة السمع تأتي حاسة البصر وإذا اختفت حاسة البصر تأتي حاسة السمع.

‏كما وأنَّ غياب الصورة عن الصوت المعين والمحدد فإنَّ الإنسان يقوم بتعويضها، من خلال تكوين صورة ذهنية وعقلية وخيالية، بحيث تتناسب هذه الصورة مع الصوت المنطوق والعكس صحيح أيضاً، حيث أنَّ كل صورة صامتة وساكتة تعمل على استدعاء الصوت الذي يتناسب معها في ذهن وعقل المتفرج والمتلقي.

حيث يمكن القول أن حواس الإنسان الأخرى كالشم وحاسة اللمس وحاسة التذوق أيضاً تساعد بشكل لا إرادي ولا شعوري على زيادة اللُحمة ما بين كل من عنصر الصوت وهو مصدر الصورة، إلى أنَّ عنصر الصوت يمدُّ الفرد البشري في نطاق أوسع من إدراك العناصر ذات الطابع المعنوي للحياة.

‏على الرغم من أن إدراك الصوت يحتاج ويتطلب إلى تلك التفاعلات إذا الطابع العصبي الأكثر تعقيداً من إدراك البعد ذو الطابع البصري، ولهذا فإنَّ قدرة الإنسان على ‏تخيل ‏الصورة أو البعد الطبيعي المرئي أفضل بكثير من استطاعته على تخيل الرسالة الصوتية ولهذا من النادر ما يشاهد الفرد البشري في أحلامه أثناء نومه وقائع مترافقة بالبعد الطبيعي الصوتي، حيث تأتي أغلب الأحلام على شكل أفلام صامتة؛ وذلك لعدة أسباب، ‏نقوم بذكر هذه الأسباب في هذا المقال على النحو الآتي:

  • ‏أولاً: يعود السبب إلى أن العصب السمعي يميل كثيراً إلى الاسترخاء أثناء النوم، ‏وهذا تأثير إهمال العقل والمخ بشكل لا إرادي لكافة الأصوات المسموعة.

‏ثانياً: إنَّ غياب الرؤية ذات الطابع الواقعي أثناء النوم يعمل على تنشيط الرؤية ضبابية الخيالية بشكل أكبر بكثير من الخيال الطبيعي السمعي، ويعود السبب في ذلك إلى أن التخيل الصوتي يتطلب إلى تلك الخصوبة الباطنية ‏وهذا بشكل أكبر من تصور المرايات في أثناء الأحلام.

‏ولهذا ‏لا تستطيع الصورة او تتمكن في أن تعمل على اكتساب قيمتها ذات الطابع الواقعي والحقيقي من خلال الجو الصوتي الذي يحيط بها إلى جانب تآلفهم معاً، حيث أنَّ كل منهما يبرز معنى للآخر والإيقاع ذو الطابع السيكولوجي له أيضاً، ‏وهذا بما يشبه التآلف والتوافق الأوركسترالي، ‏بما يحقق ويؤكد  عليها بغية التواصل مع أحداث الحياة المختلفة.

‏وفي النهاية يمكن القول بأنَّ التآلف ما بين الصوت والصورة العميق يتجلى في العديد من الظواهر التي يتحول فيها الصوت إلى صورة أو يتحول فيها الصورة إلى الصوت كناية عن الصورة.

‏حيث أنَّ كل ما يشاهده الفرد البشري في الطبيعة إما كان ثابتاً أو متحركاً له تلك المردود الصوتي، كما أنَّ كل حدث صوتي له صورة؛ لكي نفهمها وبالتالي نعمل على رسم الشكل الذي نسمعه في مخيلتينا وفي عقولنا المناسب ‏للإحساس الذي تمت تلقيه من المُلقي أو من المرسل، من خلال هذا الصوت، ‏دون الحاجة إلى الالتزام بشكل حرفي بتلك المطابقة، كما أنَّه ليس بالضرورة أن تكون هنالك صورة مرسومة تعمل على الترجمة الحرفية بمعنى وحقيقة الصوت أيضاً.

‏ولهذا السبب فإنه من المهم ‏على الفرد الإعلامي الملقى أو المذيع للرسالة الإعلامية الذي يريد أن ينقلها إلى الجمهور المتلقى أن يعمد إلى اختيار النص الإعلامي والتدرب عليه بشكل جيد؛ حتى لا يفهمه الجمهور المتلقى بصورة خاطئة وبالتالي تشكيل صورة للصوت الذي ألقاه المتلقى تكون غير متوافقة لما قاله الملقى بشكل أو بآخر.

‏إذاً يظهر مما سبق ذكره آنفا أنه لا بُدَّ من تآلف الصوت والصورة( حاسة السمع مع حاسة البصر) معاً في العملية الإعلامية بحيث يعبر الصوت عن الصورة أو تعبر الصورة عن الصوت.


شارك المقالة: