الإطار العام لاختيار العاملين في أجهزة العلاقات العامة:
إن الجهد الصحيح في العلاقات العامة يكون دائماً على التفاعل المستمر بين الكثير من أنواع المواهب، والمهارات في الإدارة والبحث والإنتاج، فالنجاح الأسمى للتنظيم يتوقف إلى حد كبير على العنصر البشري في التنظيم، فالطاقة البشرية هي الشرط الأول اللازم للتنظيم، ولا يوجد هناك فائدة من تكوين تنظيم على أسس وقواعد علمية دون تهيئة الكادر البشري المؤهل للقيام بالواجبات التي يحددها التنظيم.
وإن النجاح في اختيار العاملين في أقسام العلاقات العامة، يقوم على مبدأ الفهم الدقيق لما تتطلبه المنظمة من هذه الأقسام ومن العاملين فيها. وهذا التصور يطبق الهدف الذي يجب أن يعامل بعين الاعتبار عند إعداد الخطط والبرامج الخاصة بإمداد جهاز العلاقات العامة بالعاملين ذوي المقدرة والكفاءة.
أما بما يتعلق لعدد العاملين فلا يُحدد لقانون أو لقواعد محددة، فعددهم يتوقف على حجم المنظمة أولاً وحجم العلاقات العامة ووظائفها وطبيعة هذا الجهاز، من حيث السلاسة والتعقيد وأهدافه وخططه، ومن جهة أخرى إن تسميات الأدوار الوظيفية في قسم العلاقات العامة تتغيرمن وظيفة لأخرى ومن دولة لأخرى، فهناك من يستخدم كلمة الرئيس أو المدير لوصف موظف جهاز العلاقات العامة وكذلك الوظائف الأخرى كرئيس شعبة، فإن طبيعة الوظيفة يمكن معرفتها عن طريق وصف الوظيفة.
وبصورة عامة إن العاملين في قسم العلاقات العامة لا بُدّ أن يتصفوا ببعض الصفات والمميزات لهذه الوظيفة من أهمية وخصوصية في العمل، إضافة إلى التخصص الدراسي والخبرة ويعطي أحد الخبراء بعلم النفس وصفاً عاماً لصفات رجل العلاقات العامة، وهي إمكانية النظر إلى المسائل من وجهة نظر شخص آخر، والعمل بما يعود بالنفع على هذا الشخص، والقدرة على إظهار التفصيلات وعلى إنجاز المهام بشكل مباشر، والقدرة في مساعدة الآخرين، ليس في معنى تبادل المصالح وإنما من خلال تعرف هوية مصالح الآخرين، ويتسم رجال العلاقات العامة عادة بروح الصداقة، وهم محبون، وليس لديهم غرور وإعجاب بالذات نسبياً.
فإن الذي يمارس العلمل في مجال العلاقات العامة له دور مؤثر في النواحي الاجتماعية والرسمية، ويجب أن يلتزم بالرصانة والجد في أقواله وأعماله، ويبتعد التفاخر والمباهاة، وعليه أن يتقابل مع الناس في صعيد واحد على قدم المساواة متجاوزاً للتغيرات الثقافية والاجتماعية، أن يكون متسامحاً فإن خير ما يتصف به موظف العلاقات العامة في المعاملات هي مميزاته الصريحة، الخالية من الادعاء، وهذه تُفضّله عن غيره ممَّن ييتصفون بالكبر والغرور.
ويجب أن يتصف رجل العلاقات العامة بالصبر والأمانة والنزاهة والسمعة الحسنة والمرونة، وغيرها من المزايا الذاتية الخاصة؛ لأنها تؤثر بشكل كبيرة في وظيفته، إضافة إلى أن هذه المزايا هي أصلاً مزايا اجتماعية مرغوب بها في العالم كله، بالإضافة إلى مهارات محددة يجب أن يتمتع بها؛ حتى يستكمل المزايا التي تجعله أداة صالحة لنشر الصدق كمدخل لا غنى عنه في وظيفة العلاقات العامة.
وليس صادقاً ما يظنه البعض من أن رجل العلاقات العامة هو شخصية مرحة، يقوم بالاستقبال والترحيب، وتشد على أيدي الضيوف، إذ أنه أعمق من ذلك بكثير، فهو على معرفة بالنفس البشرية مُتمرس لاستجاباتها وأفعال في المواقف المختلفة، كما أنه يعرف الكثير من الصعوبات التي تقف في وجه الإقناع، كالتعصب والكراهية والعقد النفسية وتضارب المصالح وغير ذلك.
ومن أجل أن يصبح رجل العلاقات العامة قائماً لأداء عمله، ومن المهم أن يعي بالاتجاهات والتطورات التي تحصل في الرأي العام، كما أنه من الضروري الإلمام بمعرفة كاملة بقواعد الإدارة ومشكلاتها، وأن يؤمن إيماناً كاملاً بعمله ورسالته التي يؤديها، متيقظاً لما يحصل حوله داخل المنظمة وخارجها من أحداث تمنح له وسيلة الاستفادة من كل فرصة لخدمة الجمهور والوصول إلى مصالحه، من خلال نقل المعلومات إليه أو بالرد على أسئلته أو بأداء خدمة واقعية له.
وهذا الوعي أيضاً يتيح له إمكانية اتخاذ القرار السريع في العمل، وهي مميزة أساسية لرجل العلاقات العامة، حيث يحتاج الأمر من رجل العلاقات العامة أن يبت مثلاً في مستوى أثر نشر خبر في نفوس الجمهور، خلال عدة دقائق.
ويجب أن يكون رجل العلاقات العامة متكاملاً في تفكيره وأن يحل بمشكلات الجمهور، وأن يتصف بالشجاعة في نقل اتجاهاتهم وأن يكون اجتماعياً وذو شخصية متكاملة ونضج وذاكرة قوية وعقل منظم، وأن يكون مؤدباً لبقاً، سريع الخاطر ولديه القدرة على الاستمالة والاعتراف بالخطأ حين الوقوع فيه.