المصادر التي يقوم عليها علم العلاقات العامة:
يجب تحديد المصادر التي يقوم عليها علم العلاقات العامة، وينبغي أن نحدد طبيعتها على ضوء تجارب العلوم التطبيقية التي سبقتها وترسَّخت في مجالاتها المعرفة العلمية المنظمة، وإذا كانت هذه العلوم لم تبدأ من فراغ فإننا نجد أمامنا حالتين لهذه العلوم، فالحالة الأولى تمثل علوماً بدأت تطبيقية وقامت على العشوائية والاجتهادات الخاصة، ثم جاء العلم ليُصحح واقعاً ويؤسس لها مفهوماً صحيحاً للعلم التطبيقي.
وفي الحالة الثانية وجدنا علوماً تطبيقية بدأت علمية بحثية، بعد أن تطورت نتائجها وتبلورت قامت مهن عليها، لكي تستفيد من هذه النتائج في مجال تخصصها وتكامل العلم مع التطبيق، ليصنعا معاً علوماً تطبيقية بالمفاهيم الصحيحة لها. وإذا عُدنا إلى العلاقات العامة وجدنا أنها بدأت مهنة متخصصة تقوم على التطبيقات العشوائية والاجتهادية، ثم استعانت بنتائج العلوم الاجتماعية التي بدأت تترسخ وتتقدم، لتُقدّم نتائج واضحة تقوم عليها مهنة خاصة.
وأن العلاقات العامة تمتلك تطبيقات واقعية استفادت من نتائج العلوم الاجتماعية، فتحقق لها أثراً معرفياً متراكماً وإن كان لا يُشكّل تراثاً علمياً متخصصاً كجانب معرفي لعلم التطبيقي، نختص به العلاقات العامة وتستقل به وتتميز به، ويمكن في هذه الحالة أن نضعها في إطار المهن التي سبق تطبيقها علمها المتميز والمستقل، وهو الجانب الذي تأخر ظهوره حتى الآن.
ومن خلال البحث في مجالات المعرفة العلمية وعلومها، يمكن من خلالها الوصول إلى ثلاثة مصادر أساسة يمكن أن تفيدها بطريقة إيجابية تماماً في تحقيق الغاية، مع الأخذ بالحسبان العلاقات العامة من ناحية وطبيعة كل مصدر من ناحية ثانية، ونقاط الاستفاده منه وكيفية الاستفادة منه من ناحية ثالثة، فالأخذ عن هذه المصادر ليس مطلقاً، إنما هو إطار الحذر والحيطة بل التحفظ أحياناً.
وأن العلاقات العامة بدأت كممارسة مهنية تقوم على الاجتهادات الشخثصية والعشوائية، ثم أضافت إلى الجهود استفادتها من بعض نتائج العلوم الاجتماعية النفسية السلوكية، وصحيح أن المفاهيم العلمية التي وجهت الممارسة المهنية لا تُشكّل مضمون علم كامل ومتميز لها، إلا أن هذا التراث المعرفي المصدر الأول لقيام علم العلاقات العامة في حال الاستفاده من بعض نتائجه، ويتم الاستفاده من هذه المصادر جميعها، كل شي في موضعه المناسب.