أحقد من جمل

اقرأ في هذا المقال


جميع الأمم التي تحيا على الأرض تمتلك الإرث الثقافيّ الخاص، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “أحقد من جمل”.

فيم يضرب مثل “أحقد من جمل”؟

مثل: “أحقد من جمل”، من الأمثال العربية التي تشيع على ألسنة الناس، وتُضرب في المواقف التي يصعب على بعض الأشخاص الصفح أو المسامحة، ويحملون أحقادهم وضغائنهم عبئًا ثقيلًا على كواهلهم.

قصة مثل “أحقد من جمل”:

يُحكى أنه في قديم الزمان كان هناك رجل من الأعراب يُدعى: “قاسمًا”، وكان يعمل بالتجارة، وكان دائم التنقل بين القرى كي يبيع بضائعه، وفي ذلك الوقت كانت الداب هي وسيلة النقل الوحيدة، كالبغال والحمير والإبل، وكان قاسم يمتلك العديد منها، وكان له ابن صغير اسمه قيس اشتهر بشقاوته، وفي أحد الأيام عندما كان أبوه يقوم بنقل بضائعه كان قيس يمارس ألعابه الشقية مع الدواب، وحدث أنه ركب على “قعود” صغير وهو صغير الأبل، فأوقعه القعود على الأرض وكسر يده فقام أبوه بضرب القعود ضربًا مبرحًا.

مرت سنوات وأصبح القعود جملًا، وفي يوم من الأيام كان قاسم مسافرًا الى إحدى القرى المجاورة، وكان يحمل معه بعض البضائع وكان راكبًا على ذلك الجمل، وحيث إن القرية كانت بعيدة بعض الشيء، فقد تأخر الوقت، فأدركه الليل قبل أن يصل الى القرية، فقرر المبيت لصعوبة السفر في الليل، فقام بربط الجمل برباط يسمى “عقالًا”، وهو يوضع على ركبتي الجمل عندما يبرك على الأرض فيمنعه من النهوض، المهم أن قاسمًا قد وضع ذلك الرباط على ركبتي الجمل، وكذلك فعل مع الجمال الأخرى، ووضع فراشه وتغطى بعباءته ونام.

لم ينم قاسم غير لحظات، نهض بعدها لقضاء حاجته، فابتعد عن فراشه، وبعد عدة دقائق رجع ليرى ما لم يكن يتوقعه، فقد زحف ذلك الجمل بقيوده؛ ليجثم على العباءة، ويقوم بسحقها برجليه، فما كان من قاسم إلا أن تذكر الموقف الأول، وقال: فعلتها أيها الخائن؟ والذي حدث كان الأعجب، فعند سماع الجمل لصوت الرجل مات على الفور، مات من القهر والحقد؛ وذلك لأنه عرف أن الرجل قد نجا من انتقامه الذي ظل يحمله له طوال السنوات، ولذلك ضُرب الجمل مثلًا في الحقد والبغضاء، فقيل: “أحقد من جمل”، ليصبح مثلًا عربيًا مشهورًا.

المصدر: الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010


شارك المقالة: