أساطير الخلق والدمار

اقرأ في هذا المقال


منذ العصور القديمة اهتم البشر بكشف أسرار الكون ونشأته بخلاف اليوم الذي يقدم لنا العلم حقائق ثابتة، ولكن في الأوقات البدائية كان الناس يوجهون ويفسرون الظواهر بشيء آخر بحيث يكون إمّا بالدين أو ما نسميه بالأساطير والحكايات الشعبية.

نشأة الكون في الأساطير

نشأة الكون لدى الأساطير الإسكندنافية

مع الأساطير الإسكندنافية يغرق المرء في فراغ خالد حيث لا يوجد شيء وحتى حواس المرء تتركه، فهناك حاكم أعلى واحد فقط يراقب مملكة العدم هذه وهو الفوضى، والمرء يكون محاصر بين عالمين متعارضين وهما:

1- عالم النار (Múspellsheimr).

2- عالم الجليد والبرد (Niflheimr).

كما أنّه يهمس الفراغ للمرء باسمه: جينونجاجاب (Ginnungagap) وهو الفراغ البدائي المذكور في جيلفاجينينج (Gylfaginning) الذي ذكر في نشأة الكون لدى الميثولوجيا الإسكندنافية وتعد هذه بداية الكون، فحسب الثقافة الشمالية القديمة سرعان ما تلتقي هاتان القوتان المتعارضتان في فراغ جينونجاجاب، وكانت نتيجة هذا اللقاء هي أول كائن ظهر إلى الوجود وهو العملاق البدائي يمير (Ymir)، ومن إبطه الأيسر يولد أول رجل وامرأة ومن ساقيه يولد عمالقة الصقيع يوتنار (Jötnar) مما يجعل يمير أبًا لسباق العمالقة.

يبدو كل شيء سلميًا ومستقرًا ولكن الآلهة الأولى أو الآسر (Æsir) وأودين (Odin) وفيلي (Vili) وفي (Vé) يولدون ويقتلون يمير ومعظم يوتنار، ومن جسد يمير يشكلون عالم البشر: حيث من لحمه يصنعون الأرض ومن دمه المحيطات والبحار والبحيرات ومن عظامه وأسنانه الجبال والصخور، وتم استخدام جمجمته في السماء، ووجد أودين اثنين من يوتنار وهما: سول (Sól) وماني (Máni) الذين يلعبون دور الشمس والقمر، وهكذا خُلِق العالم وكذلك الوقت، ومع مرور الأيام والليالي وذلك بفضل مطاردة العملاقين باستمرار من قبل الذئاب المفترسة.

نشأة الكون لدى الأساطير اليونانية

يبدو أن الأساطير اليونانية لديها رأي وحكاية أخرى عن نشأة الخلق والكون ودماره عن العالم الإسكندنافي لأنّ فوضى (Chaos) لديها عوالم بديلة أخرى مخبأة لك، فهنا تحدث في السهول اليونانية القديمة حيث تنتظر الفوضى نفسها أن ينضم إليه ليلًا (Nyx) وإريبوس أو الظلام العميق أو الظل (Erebus)، فيسود الظلام الكامل على الكون حتى يولد إيروس أي الحب (Eros) ليخرج النور وغايا أي الأرض (Gaia) مع بداية النظام، ثم أنجبت غايا ( الأرض) أورانوس (Uranus) السماء وأصبحا فيما بعد زوجًا وزوجة ومن اتحادهما تم إنشاء الكون أخيرًا، جنبًا إلى جنب مع الأجناس الثلاثة الأولى: الجبابرة (Titans) والعملاق (Cyclops) وهيكاتونخيرس (Hekatonkheires).

هذا هو أساس الأساطير اليونانية التي هي مروعة تمامًا مثل الأسطورة الإسكندنافية حيث تتعامل مرة أخرى مع إله بدائي واحد وهو أورانوس إله السماء الذي تم نزع أحشاءه من قبل خليفته كرونوس أو الزمن (Cronus) وبالتالي يتم إنشاء الحياة.

نشأة الكون لدى الأساطير الهندية

دعونا نلقي نظرة خاطفة على الأوقات الأسطورية الهندية الآن، هنا يسقط المرء مرة أخرى في الفراغ الحالم حيث المرء يكون على وشك مقابلة الساكن الوحيد لهذا المكان ألّا وهو الكائن الكوني البدائي بوروشا (Purusha) أي روح الكون، وهناك العديد من الإصدارات حول كيفية تكوين الكون الهندوسي ولكن نسخة واحدة تروي أنّه من بوروشا ظهرت بيضة كونية (Viraj) ثم ولدت بوروشا مرة أخرى من البيضة، وهكذا تظهر الحياة جنبًا إلى جنب مع فكرة أنّ الخلق دوري، وفي وقت لاحق ضحى آلهة أخرى بوروشا ومن أجزاء جسده وعقله تم إنشاء العالم: السماء والأرض والحيوانات وأيضًا الآلهة إندرا وأنجي.

دمار الكون

في منتصف الحرب الأخيرة بين الآلهة حيث قُتل أودين وثور ولوكي، ويأكل ثعبان العالم أخيرًا ذيله مما تسبب في راجناروك (Ragnarök) أو نهاية العالم يحدث، ومع ذلك فهذه ليست النهاية حقًا لأنّ الثقافات الثلاث تثبت أنّ الوجود يُقصد به التكرار إلى الأبد، ولقد انتهى العالم اليوناني بالفعل مرات لا تحصى ولا يزال التاريخ يدور في دوائر، ويتدفق الوقت بسرعة كبيرة بدءًا من ما يسمى بالعصر الذهبي ثم تليها العصور الفضية والنحاسية وعصر الأبطال.

عندما نصل إلى العصر الحديدي الأسوأ من المفترض أن يدمر زيوس العالم ثم يبدأ كل شيء من الصفر مرة أخرى، ويمر العالم الهندوسي بنفس النوع من الدورة والأعمار الأربعة تسمى يوجاس الأربعة (four Yugas)، حيث يُطلق على العصر الأخير المتدهور اسم عصر الصراع (Kali Yuga)، وبعد ذلك من المفترض أن ينتهي العالم ثم يبدأ من جديد، وكما يُلاحظ هناك دائمًا إحياء بعد التدمير وتنقل ثلاث ثقافات مختلفة نفس المفهوم عن دورة الوجود الأبدية، وهذا يثبت فقط مدى قوة الترابط بين كل ثقافة على كوكبنا.


شارك المقالة: