أساطير حول تايكي

اقرأ في هذا المقال


في الأساطير اليونانية تعتبر تايكي (Tyche) إلهة الحظ السعيد والفرص والثروة وتجسيدًا لها، ونمت شعبية لدى تايكي بعد الفترة الكلاسيكية عندما تبنتها العديد من المدن والمسؤولين في جميع أنحاء العالم اليوناني والبحر الأبيض المتوسط كإله راعي لهم وتم تقديم التضحيات في مزاراتها، واستمرت شعبيتها لمئات السنين، وتم تمثيل تايكي في العديد من أشكال الفن ويمكن التعرف عليها على الفور من خلال تاجها الجداري والدفة والوفرة التي كانت تحملها، ويصفها العديد من الكتاب بأنّها قوية وحكيمة، ونظيرتها الرومانية هي الإلهة فورتونا.

الميلاد والعائلة

وفقًا لهسيود في كتابه ثيوجوني كانت تايكي واحدة من العديد من بنات جبابرة المحيط (العملاق أوشين) وتيثيس وأخت للكثيرين بما في ذلك أوشينيدز إلكترا واورانيا وميتيس وستيكس (إلهة العالم السفلي) وكاليبسو، وبصفتها ابنة أوشين قيل إنّ تايكي لها صلة بالمياه وهو ما يتضح في الدفة التي تحملها في التمثيلات الفنية لها، وادعت مصادر أخرى أنّها كانت ابنة زيوس على الرغم من ذكرها على أنّها ابنة عمه في الثيوجوني.

إلهة الحظ والفرصة

على الرغم من الاعتراف بتايكي في وقت مبكر إلّا أنّها أصبحت إلهة متطورة بالكامل خلال الفترة الهلنستية، وأظهر ارتفاع شعبية تايكي أنّ الإغريق القدماء كانوا يعتقدون أنّ الحظ والفرص يحكمان حياتهم، فشوهدت شعبيتها في الممارسة الواسعة لتكريس المدن لها خلال الفترتين الهلنستية والرومانية (باستثناء أثينا التي كان لها بالفعل إلهها الراعي في أثينا)، وكانت تايكي هو التفسير الافتراضي لأي شيء لا علاقة له بالآلهة الأولمبية.

اعتقد الإغريق أنّ كل مكان ومدينة ودولة لها تايكي الخاصة بها المرتبطة ارتباطًا وثيقًا برفاهية مدينة معينة، وكانت القوة المستمرة التي تنظم حياتهم وكان الناس إما يستدعونها لمساعدتها أو يستخفون بها حسب ظروفهم الشخصية، وحتى قيل أنّ الآلهة قبلت أوامرها، وكانت تُصوَّر عادة على أنّها إلهة خيرة تسببت في مشاعر الرفاهية والسعادة لدى الناس الذين يعبدونها، واكتسبت تايكي أهمية سياسية أكبر بعد وفاة الإسكندر الأكبر والاضطرابات التي أعقبت ذلك مع إنشاء المدن الهلنستية الجديدة التي تم إنشاؤها عبر مصر وآسيا الصغرى (تركيا الحديثة).

أسطورة ولادة تايكي

في إحدى الليالي كان زيوس في حالة سكر واستلقى مع ثيميس الجميلة إلهة القانون والعدالة التي أرادها كثيرًا، ومن هذا الاتحاد بين الخارجين عن القانون وما يجب القيام به ولدت تايكي (فورتونا للرومان)، وهي فتاة صغيرة جميلة كانت تتمتع بخدمة والدها (وهو أمر نادر جدًا في حياة زيوس)، وتقول الأسطورة أنّ تايكي كانت صغيرة فطلب زيوس إحضارها وأرادها أن تكون بالقرب منه باستمرار.

أسطورة تعليم تايكي

من أجل تسليتها أمر زيوس الملك كل ساكن في أوليمبوس لتعليم ابنته الحبيبة مهارة، كما طُلب من عطارد (هيرميس) على وجه التحديد تعليمها كيفية الجري أسرع من أي شخص آخر، وقبل أن تبلغ الثامنة من عمرها ركضت ساقي تايكي أسرع من كاحلي هيرميس المجنحين وفازت بأي إله أو رجل أو حيوان على الطريق، وطُلب من ديميترا أن تعلمها كل شيء عن المحاصيل والفاكهة، وعرفت تايكي بسرعتها ودقتها في التعرف على كل نوع من أنواع الحبوب في اليونان فكانت تعرف أين تنمو كل شجرة ومتى تزدهر كل نبتة وكيف تجني المحاصيل.

أسطورة غيرة هيرا من تايكي

في الواقع لم يطلب زيوس من قبل هيرا والتي تعد زوجته القانونية أي شيء وذلك بسبب غيرتها فلم يرغب زيوس أن يزعزع الاستقرار والعائلة في رؤية تايكي، ولكن في الواقع عندما كانت تايكي في الخامسة عشرة من عمرها عندما قررت هيرا أن تفرض على أوليمبوس قانونًا أخلاقيًا بحيث لا يوجد طفل غير شرعي بين الآلهة، والأطفال الذين لم يأتوا من مجمع نقي كان عليهم العيش مع الناس، وبالطبع كان الوقت قد فات بالفعل لوجود صراع مع زيوس، وكان القائد الماكر قد وضع خطة بموجبها يُطلب من تايكي البقاء مع الآلهة ولم يتم طردها فحسب بل كانت محمية وتم تدليلها أكثر من أي شخص آخر.

ومنذ ذلك اليوم لم يظهر الرحيق والطعام الشهي بطريقة سحرية في زجاجة في سلة الإفطار ولكن كان يتم جمعهما كل صباح من الثمار الأولى لأشجار الأرض، فالتفاح الأول والخوخ الأول والفراولة الأولى في اليوم تحتوي في لحمها على العناصر الغذائية السحرية التي من شأنها أن تحافظ على سكان أوليمبوس صغارًا وأصحاء وخالدين وبالتالي الآلهة، ولكي لا يأكل الناس هذه الإكسير القوي وضع زيوس شرطًا واحدًا وهو أنّ أول شعاع الشمس الذي يسلط الضوء إذا سقط على الفاكهة التي على الأشجار ستفقد الفواكه الطازجة كل سائلها الثمين، فكانت الخطة مثالية ولكن من يستطيع التعرف على ثمار اليوم وجمعها بمهارة وبسرعة حتى لا تلتقطه أشعة الشمس الأولى؟

فكانت تايكي فقط هي من قامت بذلك التي كانت تقوم قبل الفجر وتغادر على عجل وتركض في جميع أنحاء الأرض لجمع الثمار الأولى من كل شجرة قبل أن تفسد الشمس محتواها الإلهي، وتجمعهم في سلة وتحملهم إلى جبل أوليمبوس لتناول إفطار الآلهة الذين صفقوا وأشادوا بقدرتها.

أسطورة خطف تايكي

ذات صباح لم تصل تايكي في الوقت المحدد وبدأت الآلهة تقلق، ولم يكن الأمر فظيعًا إذا لم يأكلوا الرحيق يومًا ما ومع ذلك إذا استمروا فسوف يموتون ويمرضون -وأسوأ ما في الأمر- سيكبرون، ثم ذهب وفد من الآلهة بحثًا عن تايكي في شوارع اليونان، وعلموا هناك أنّ صيادًا قد أمسك بها عن طريق الخطأ بينما كان يلقي بشباكه في بحر إيجه، وكان مفتونًا ومدهشًا بجمال حمله غير المتوقع ولم يكن يريد أن يتركها تذهب، فظهرت الآلهة أمام الصياد وسألته عما يريده من أجل إطلاق سراح تايكي، وأيًا كان ما يطلبه الصياد فقد تم تسليمه له وبعد ذلك أصبحت تايكي حرة مرة أخرى، ومع ذلك بدأت السمعة تنتشر بين الناس، بحيث يمكن لأي شخص أن يقبض على تايكي وأن يسأل الآلهة عما يريدون وسيتعين عليهم إعطائه مقابل حريتها.

بمجرد إبلاغ تايكي بالمخاطر بدأت في الحصول على المزيد والمزيد من الاحتياطات وطلبت من الآلهة الأخرى تعليمها المزيد من الأشياء لصالح الجميع، فعلمتها أرتميس كيفية الاختباء وعدم رؤيتها من قبل أي شخص، وبدأت في السفر بسرية تامة دون أن يلاحظ أحد وجودها، وتعلمت من فينوس كيفية تمشيط شعرها الطويل والجميل، وتعلمت من السماء أن تكون بعيدة المنال وعلمها آريس إستراتيجية الحرب، وبسبب ما تعلمته وبسبب الخوف من الوقوع في الخطف خلال طريقها اليومي مرة أخرى، قررت تايكي أنّ مرورها لا ينبغي أن يكون متوقعًا، ولتحقيق ذلك اتخذت قرارًا غريبًا وهو انّه لم تخطو ساقاها قط على خطاها للمرة الثانية.

قليلاً من العادة والغرابة أصبح هذا القرار هاجسها وكانت الإلهة تايكي حريصة جدًا على عدم تجاوزها مرتين من نفس المكان، وتعلمت من باخوس خواص النبيذ من أجل إسكار أولئك الذين تمكنوا من الإمساك بها ثم تمكنت من الهرب وتركهم بلا شيء.


شارك المقالة: