أسطورة الملك المقدس وملك البلوط

اقرأ في هذا المقال


جاءت أسطورة الملك المقدس وملك البلوط كنوع لتفسيير تغيير الفصول في النصف الشمالي من الكرة الأرضية أثر ضوء الصيف وظلام الشتاء الذي يشمل اليوم بأكمله في الجزء الشمالي ومعظم أجزاء العالم، وعلى طريقة عيش الناس وعملهم وفكرهم وشعورهم، ومن أجل فهمها نشأت الأساطير التي رسمت هذه الفصول المتناوبة ككائنين متميزين يتنافسان على الهيمنة على مدار العام والذي تم تصويرهما بالشقيقان اللذان يسعيان لخدمة شعبهما، وفي جميع إصدارات الأسطورة يعتبر الملك المقدس وملك البلوط رجالًا على الرغم من أنّ علاقتهم ببعضهم البعض يمكن أن تختلف، ففي بعض الأحيان يتم تقديمهم كرجل واحد يمر بمرتين في السنة، وفي قصص أخرى هما وجهان لإله واحد وهويتان تتنافسان ليكونا الشخص المسيطر.

من هما الملك المقدس وملك البلوط

في معظم الحالات يكون الملك المقدس وملك البلوط شقيقين وأحيانًا توأمان، ويعد ملك البلوط هو حاكم الصيف من الضوء والخصوبة والنمو، بينما الملك المقدس هو حاكم الشتاء والظلام والموت، فيلتقي هؤلاء الإخوة للمعركة مرتين في كل دورة للقتال من أجل تاج العام وفي كلتا المرتين يتم خلع أحدهما عن عرشه بينما ينجح الآخر، وعندما يأخذ ملك البلوط التاج في وقت مبكر من العام تكون الأيام طويلة وتنمو المحاصيل طويلاً ويتم إحضار حياة جديدة إلى العالم، في حين عندما يصعد الملك المقدس نحو نهاية العام يتم استبدال الأيام الطويلة بليالي طويلة ولا تنمو المحاصيل ويهلك العديد من الكائنات الحية في البرد.

يتم تمييز حياة الملوك أو فترات حكمهم بالسبت الثمانية حيث الإجازات أو الاحتفالات التي تحدث على فترات منتظمة خلال الدورة السنوية، حيث أنّ اثنان من هؤلاء السبت يقعان في الاعتدال الربيعي وهما: أوستارا في الاعتدال الربيعي ومابون في الاعتدال الخريفي، كما يقع سبتان على الانقلاب الشتوي وهما: ليثّا في الانقلاب الصيفي وعيد الميلاد في الانقلاب الشتوي.

مكان عيش الملك المقدس وملك البلوط

عاش الأخوان الملك المقدس (King Holly) وملك البلوط (King Oak) ذات مرة معًا في مملكة كبيرة بعيدة جدًا، وكان الملك هولي هو الأكبر والأكثر حكمة من الآخر الذي عاش في الشمال، وكان يرتدي عباءة شتوية كثيفة وإكليل من الزهور على رأسه، ويحمل في يده عصا مصنوعة من فرع مقدس جميل وقوي، وكانت زوجته إلدر (Elder) التي ترتدي عباءة من الفراء الناعم السميك وتاج من أزهار إلدر (Elderflower) وعصا مصنوعة من خشب إلدر (Elderwood)، كما ارتدى ملك البلوط إكليل من أوراق البلوط، وارتدت زوجته هيديرا (Hedera) إكليلًا من أوراق اللبلاب، وبهذه الطريقة كان هذا كل ما يحتاجون إليه لأنّه في منزلهم الواقع في جنوب المملكة يكون الطقس دافئًا دائمًا وتكون الشمس مشرقة.

تأثيرات الملكان

في يوم منتصف الصيف كان ملك البلوط هو الأقوى وذلك لأنّ شقيقه الملك المقدس في الجانب الآخر كان قد جاء في هذا اليوم من العالم السفلي وولد في هذا العالم، ومنذ تلك اللحظة أصبحت الأيام أقصر وأقصر وسقطت الأوراق من الأشجار وغادرت حرارة الصيف واجتاح برد الشتاء الأرض، وجلب السلام والتوبة والتجدد للبلاد فكانت جليدية ومثلجة ومظلمة في هذا الجزء الشمالي من الأرض، ونظرًا لأنّ الجو كان باردًا ومظلمًا في أراضي الملك المقدس فقد أخبر شعبه أن يستريحوا ويقتصدوا في الطعام المتاح، كما أخبر شعبه في التفكر في الحياة وكيفية التعامل مع صعوبات المنطقة الباردة.

عاش شقيقه الأصغر في الجانب الآخر من البلاد في الجنوب، ولقد جاء أيضًا من العالم السفلي وولد في هذا العالم عندما كان شقيقه الملك هولي في أقوى حالاته، والذي كان في يوم منتصف الشتاء، وبدأت الطيور تغرد مرة أخرى وبدأت الأشجار تغرق مرة أخرى وبدأت الأرض تعيش وغادر برد الشتاء الأراضي وعاد دفء الربيع، وجلب النور والخصب والفرح إلى الأرض.

المعركة

تمامًا كما هو الحال في الشمال مع شقيقه الملك المقدس أصبح الشتاء في الجزء الجنوبي من البلاد حيث يعيش ملك البلوط، وكان الجو باردًا ومظلمًا ولم يعد الناس في الجنوب مبتهجين وسعداء، ولم يعرفوا على الإطلاق كيف يتعاملون مع حالة البرد والقليل من الطعام والظلام، ولم يكن لدى شعبه في الجنوب أي فكرة عن كيفية العيش في شتاء بارد، ولهذا السبب قرر ملك البلوط أنّ الوقت قد حان لزيارة شقيقه الملك المقدس والتأكد من أنّ الطقس سيصبح دافئًا مرة أخرى لذلك سيكون هناك ما يكفي لتناول الطعام ويمكن أن تبدأ الحفلة مرة أخرى.

بعد رحلة اكتمال القمر وصل إلى قصر أخيه في يوم منتصف الشتاء، وكم كان المنظر جميلًا حيث بلورات الثلج البيضاء اللامعة المتلألئة والقصر كله مزين بأغصان التنوب الخضراء العطرة والتوت الأحمر، وهناك جلس شقيقه الملك المقدس على عرشه، ومشى ملك البلوط إلى الملك المقدس وقال: “أخي العزيز شعبي ليسوا سعداء ونريد أن يعود الضوء والشمس إلى أرضنا، فساعدنا في إعادة الشمس”، فأخبره أخيه الملك المقدس أنّه يجب على شعبه أن يتعلموا أنّ هناك أيضًا وقتًا للاعتدال والتفكير حيث يمكنهم وضع خطط جديدة للسنوات القادمة، ولكن ملك البلوط كان يعلم أنّه لا يوجد وقت لذلك الآن فقال: “إذا اضطررت للقتال من أجل عودة النور فسأفعل ذلك” فقام وسار نحو العرش وقفز الملك المقدس على الفور وهاجم شقيقه.

كان ملك البلوط أضعف من أخيه لكنه أصر على التفكير في الأشخاص الذين يحتاجون إليه ولكن احترقت الشمس في عقله مما أعطاه ذلك القوة، وفي ضربة أخيرة هزم الملك المقدس الذي أصيب الآن على الأرض، وأمر ملك البلوط شقيقه أن يعيد له الشمس وقال: “أخي العزيز إذا كنت تريد عودة الأيام المظلمة فقم بزيارتنا في يوم منتصف الصيف إلى مملكتي في جنوب البلاد، ثم يمكنك قياس قوتك معي مرة أخرى، وبعد ذلك سوف أعطيك معرفة كيفية البقاء على قيد الحياة في وقت الضوء والدفء لأنّه على الرغم من أنني هزمتك الآن فأنت أخي وأنا أحبك”.

فرد عليه الملك المقدس بأنّه: “سأكون هناك في يوم منتصف الصيف وابحث عني من أعلى جبل وإذا فزت في القتال في ذلك اليوم، فسأمنحك كل الحكمة لشعبك حول كيفية البقاء على قيد الحياة في أيام السنة المظلمة والاسترخاء خلالها لأنني أحبك أيضًا، خذ التاج واعلم يا أخي حتى لو كنت الآن ملكًا لم يرحل البرد فورًا وسيغطي الثلج الأرض، وأنا أعلم من الآن فصاعدًا أنّ قوة الضوء لديك سوف تسود وسوف أحافظ على برودتي وظلامتي حتى يصبح وقتي هناك مرة أخرى في منتصف الصيف”.

ومنذ ذلك اليوم فصاعدًا قام الأخوان البلوط والقمدس بزيارة بعضهما البعض في يوم الانقلاب الشمسي وطالبا بحصتهما من السنة، وعلى سبيل المثال في أشهر الضوء كان هناك عيد وفرة وشفاء وخصوبة للبلاد بأكملها من الشمال إلى الجنوب، وفي الأشهر المظلمة كان هناك وقت للراحة والتفكير ووضع خطط جديدة للعام الجديد، وكان لدى كلتا الدولتين الآن معرفة بالنور والظلام وعاشا في سعادة دائمة.


شارك المقالة: