اقرأ في هذا المقال
يُطلق على بروميثيوس (PROMETHEUS) وباللاتينية (Promêtheus) أحيانًا اسم الجبابرة أو العملاق أو تيتيان (Titan) على الرغم من أنّه في الواقع لم يكن ينتمي إلى الجبابرة، ولكنه لم يكن سوى ابن العملاق ايبتوس حيث تم تعيينه من قبل الأبوين أيبتونايدس بواسطة كليمين بحيث كان شقيق أطلس مينويتيوس وإبيميثيوس، واسمه يدل في المعنى على التدبر، كما يدل اسم أخيه إبيميثيوس على التفكير المتأخر، ويسمي آخرون بروميثيوس ابن ثيميس أو أورانوس وكليمين أو تيتان يوريميدون وهيرا، ويشتهر بروميثيوس بأنّه أشهر سارق بالتاريخ الذي أغرم بالبشرية فقام بمساعدتهم لجعلهم أقوى بجلب شعلة النور والمعرفة للبشرية.
علاقة بروميثيوس بالبشرية
كان بروميثيوس إله الجبابرة للتأمل والمشورة الماكرة الذي تم تكليفه بمهمة تشكيل البشرية من الطين، وأدت محاولاته لتحسين حياة خليقته إلى صراع مع زيوس، حيث أولاً خدع الآلهة من أفضل جزء من عيد الذبيحة واكتسب اللحم لوليمة الإنسان، ثم عندما حجب زيوس النار سرقها من السماء وسلمها إلى نوع بشري مخبأ داخل ساق شمر، وكعقاب على هذه الأعمال المتمردة أمر زيوس بإنشاء باندورا (المرأة الأولى) كوسيلة لإيصال سوء الحظ إلى منزل الرجل أو كطريقة لخداع الجنس البشري بصحبة الأرواح الطيبة.
في هذه الأثناء تم القبض على بروميثيوس وربطه بحصة على جبل القوقاز (Kaukasos) حيث تم تعيين نسر ليتغذى على كبده المتجدد باستمرار (أو كما يقول البعض القلب)، وأجيال لاحقة جاء البطل العظيم هرقل وأطلق سراح العملاق القديم من التعذيب، وتم التعرف على بروميثيوس بشكل فضفاض في العبادة والأساطير مع إله النار هيفايستوس (Hephaestus) والعملاق تيتيوس (Tityus).
أسطورة بروميثيوس مع الجبابرة
عاش ذات مرة جنسًا من العمالقة الضخمين الجبابرة يُدعى جبابرة (Titans)، وكان هؤلاء العمالقة شرسين ومضطربين وغير قانونيين حيث كانوا دائمًا يتقاتلون فيما بينهم وضد كوكب المشتري ملك الآلهة، ولكن كان أحد الجبابرة واسمه بروميثيوس أكثر حكمة من البقية، ولقد فكر كثيرًا في ما يمكن أن يحدث في المستقبل، وذات يوم قال بروميثيوس لأخيه جبابرة: “ما فائدة من إضاعة الكثير من القوة؟ وفي النهاية ستنتصر الحكمة والتفكير، وإذا كنا سنحارب الآلهة دعونا نختار قائدًا ونتوقف عن الشجار فيما بيننا”، إلّا أنّه رد عليه الجبابرة بدش الصخور الكبيرة والأشجار المقتلعة على بروميثيوس.
وبعد أن نجا بروميثيوس دون أن يصاب بأذى أخبر أخيه الأصغر أبيميثيوس بأن يأتي معه لأنّه لا يمكن فعل أي شيء بين هؤلاء العمالقة، وأنّه إذا استمروا في ذلك فسوف يمزقون الأرض ولذلك من الأفضل أن يدعم ويساعد المشتري للتغلب على الجبابرة، واستجاب إبيميثيوس على هذا وذهب الأخوان إلى كوكب المشتري فدعا الآلهة معًا وبدأوا معركة رهيبة، ومزق الجبابرة صخورًا هائلة وألقوها على الآلهة بينما ألقى جوبيتر صواعقه وبروقه في كل الاتجاهات، وسرعان ما كانت السماء صفيحة من الماء وأصبح البحر يغلي وارتعدت الأرض وأخذت الغابات تحترق وبدأت تتفحم.
أخيرًا غزا الآلهة -جزئيًا بمساعدة مشورة بروميثيوس الحكيمة- الجبابرة وأخذوهم إلى أقاصي الأرض وسجنوهم في كهف عميق تحت الأرض، وصنع نبتون إله البحر بوابات نحاسية قوية بمسامير وقضبان ثقيلة لإبقاء العمالقة في الأسفل، بينما أرسل جوبيتر برياريوس وإخوته وهم ثلاثة عمالقة بخمسين رأساً ومائة يد ليقفوا فوقهم، وتم سجن جميع الجبابرة الذين حاربوا الآلهة باستثناء واحد منهم في هذا الكهف، وهذا الذي لم ينغلق مع الآخرين هو أطلس الذي كانت قوته الهائلة أكبر من قوة إخوته بينما كانت تصرفه أقل إثارة للجدل، وأُجبر على الوقوف ورفع السماء على رأسه ويديه.
أسطورة بروميثيوس بين العقاب والخلاص
مساعدة بروميثيوس للبشرية
نظرًا لأنّ الجبابرة لم يتمكنوا الآن من إثارة المزيد من المتاعب فقد كان هناك سلام نسبي وهدوء على الأرض، ومع ذلك قرر كوكب المشتري إنّه على الرغم من أنّ الرجال الذين بقوا على الأرض لم يكونوا أقوياء مثل جبابرة إلّا أنّهم كانوا جنسًا أحمق وشرير، وأعلن أنّه سوف يهلكهم ويجرفهم بعيدًا وفعل معهم إلى الأبد، وعندما قال ملكهم هذا لم يجرؤ أي من الآلهة على قول كلمة واحدة دفاعًا عن البشرية، ولكن بروميثيوس العملاق الذي ولد في الأرض وأحب هؤلاء الرجال من الأرض توسل إلى كوكب المشتري بجدية لتجنيبهم حتى وافق المشتري على القيام بذلك، وفي هذا الوقت عاش الرجال في كهوف مظلمة قاتمة.
علمهم صديقهم بروميثيوس بناء منازل بسيطة تكون أكثر راحة من الكهوف، وكانت هذه خطوة رائعة إلى الأمام ولكن الرجال كانوا بحاجة إلى مزيد من المساعدة حتى الآن من الجبابرة، فكانت الوحوش في الغابة والطيور العظيمة التي بنت أعشاشها على الصخور قوية، ولكن الرجال كانوا ضعفاء، حيث كان للأسد مخالب وأسنان حادة وكان للنسر أجنحة وكانت السلحفاة ذات قشرة صلبة في حيث كان الرجل رغم وقوفه منتصبًا ووجهه نحو النجوم لم يكن لديه سلاح يمكنه الدفاع عن نفسه به، فرأى بروميثيوس أنّ الإنسان يجب أن يكون لديه زهرة كوكب المشتري الرائعة والتي كانت تتألق في السماء، ولذلك أخذ قصبة مجوفة وصعد إلى أوليمبوس وسرق زهرة النار الحمراء وأنزلها إلى الأرض في قصبته.
بعد ذلك كانت جميع المخلوقات الأخرى تخاف من الإنسان لأنّ هذه الزهرة الحمراء جعلته أقوى منهم، وقام الإنسان بحفر الحديد من الأرض وبمساعدة الأسلحة الجديدة التي صنعها كانت أكثر حدة من أسنان الأسد، وروض خوف الماشية البرية ونيرها معًا وعلمها كيفية رسم الحرث، وشحذ أوتاد قوية وشدّها في حرّها وجعلها حول بيته دفاعًا من أعدائه، وقام بالعديد من الأشياء الأخرى بجانب الزهرة الحمراء التي صنعها بروميثيوس لتفتح في نهاية القصبة.
عقاب كوكب المشتري لبروميثيوس
رأى المشتري وهو جالس على عرشه بقلق مدى قوة الرجل، وفي أحد الأيام اكتشف سرقة زهرته الحمراء اللامعة وعرف أنّ بروميثيوس هو اللص وكان مستاء جدًا من هذا الفعل، فعلم كوكب المشتري مدى حب بروميثيوس للإنسان فقرر أن يعاقب بروميثيوس، ثم دعا اثنان من العبيد لديه وهما: القوة والصلابة وطلب منهم أن يأخذوا بروميثيوس ويربطوه بسرعة بصخرة عظيمة في جبال القوقاز المنعزلة، وفي الوقت نفسه أمر فولكان إله الحداد الأعرج بتثبيت سلاسل العملاق بطريقة ماكرة لم يعرفها إلّا فولكان.
هناك علق بروميثيوس على الصخرة لمئات السنين وأشرقت عليه الشمس بلا شفقة في النهار وفقط الليل اللطيف منحه الظل، وسمع صوت الأجنحة المتدفقة لنوارس البحر وهي تأتي لإطعام صغارها الذين يصرخون من الصخور بالأسفل، وتطفو حوريات البحر على صخرته لتعطيه شفقتهم، وهناك النسر القاسي مثل ملك الآلهة كان يأتي كل يوم ويمزقه بمخالبه ومنقاره، ولكن هذه العقوبة المخيفة لم تستمر إلى الأبد، فعرف بروميثيوس نفسه أنّه في يوم من الأيام يجب إطلاق سراحه وهذه المعرفة جعلته قويًا على التحمل.
أخيرًا جاء الوقت الذي كان فيه عرش المشتري في خطر وأخبره بروميثيوس وهو يشفق على عدوه بسر ساعده في جعل كل شيء آمنًا مرة أخرى، وبعد ذلك أرسل المشتري هرقل لإطلاق النار على النسر وكسر قيود الجبابرة ولذلك تم إطلاق سراح بروميثيوس.