أسطورة جانيميد

اقرأ في هذا المقال


جانيميد هو شخصية ظهرت في حكايات الأساطير اليونانية، ولم يكن جانيميد إلهًا للآلهة اليونانية ولكنه كان بشرًا، وعلى الرغم من أنّ جانيميد لم يكن بطلاً ولا ملكًا كما هو الحال بالنسبة لأشهر البشر في الأساطير اليونانية ولكن جانيميد كان أميرًا وجد حظوة لدى الإله زيوس بسبب جماله، وهو نموذج لتفاعل البشرية مع الإلهة كما ورد في المصادر القديمة حيث إنّ جانيميد الذي اختارته الآلهة أو الإله على وجه التحديد لجماله ومنحه الخلود بين السماوات.

أمير طروادة جانيميد

كان جانيميد أحد سكان دردانوي الذين سكنوا دردانيا في آسيا الصغرى، وفي الواقع كان جانيميد حفيد دردانوس الملك الأول الذي هاجر إلى المنطقة وأطلق على مملكته الجديدة على اسمه، وكان جانيميد في الواقع ابن طروس ملك دردانيا وقت ولادته، وهكذا كانت نياد كالرهو والدة جانيميد، ولم يكن جانيميد وريثًا لعرش دردانيا لأنّه كان لديه أخ أكبر إيلوس بالإضافة إلى أخ آخر أساراكوس، وإيلوس بعد وفاة طروس تخلى عن عرش دردانيا ونقله إلى أساركوس، بينما أسس هو نفسه مدينة جديدة إليوم المدينة التي كانت تُعرف أيضًا باسم طروادة.

اختطاف جانيميد

كانت اليونان القديمة أرضًا للعديد من الممالك لذا فإنّ لقب الأمير لم يميز جانيميد عن غيره من الممالك التي لا تعد ولا تحصى، وعلى الرغم من أنّ جانيميد كان مميزًا في عيون الآلهة فقد اشتهر جانيميد بأنّه أجمل الرجال البشريين الفانين، فقد كان جمال جانيميد كافيًا حتى أنّ الآلهة تشتهي الأمير الفاني وكان أقوى الآلهة هو زيوس الذي تصرف وفقًا لرغباته.

نظر زيوس إلى أسفل من عرشه على جبل أوليمبوس وتجسس جانيميد وهو يعتني بماشية والده تروس، وكان جانيميد وحده ولذلك أرسل زيوس نسرًا لاختطاف أمير طروادة وفي رواية أخرى وهناك في رواية أخرى أنّه حوّل زيوس نفسه إلى ذلك النسر الذي اختطف الأمير جانيميد، وبالتالي تم انتزاع جانيميد من أرض أبيه ونقله بسرعة إلى قصور الآلهة على جبل أوليمبوس، وأصبح جانيميد محبًا لزيوس.

سقاة الماء هيبي وجانيميد

بناءً على عدد المرات والمجموعة الواسعة من الكتاب الذين يشيرون إلى الحكاية لا بد أنّها كانت تحظى بشعبية كبيرة، ولا توجد نسخة محددة من القصة حتى يتم تناولها من قبل الكاتب الروماني أوفيد، ولكن يبدو أنّ كل كاتب بين هوميروس وأوفيد يشير إلى نفس القصة والتي تختلف عن قصة هوميروس.

تتعلق الأسطورة بقصة تروس مؤسس مدينة طروادة وأبناؤه الثلاثة الوسيمون الذين لا تشوبهم شائبة والذين كان أصغرهم جانيميد أجملهم، وذات يوم بينما كان يرعى قطعانه على جبل إيدا رآه زيوس الذي تحول على شكل نسر وخطفه وحمله إلى جبل أوليمبوس، وبمجرد وصوله إلى هناك يصبح جانيميد العاشق الصغير لزيوس وحامله الساقي ليحل محل هيبي إلهة الشباب التي كانت تشغل منصب الساقي الفخري، وبالتالي تغضب هيرا ملكة الآلهة وزوجة زيوس ووالدة هيبي من جانيميد والوصول الجديد، وفي بعض الإصدارات اللاحقة تسبب له مشاكل مختلفة في المحكمة.

أدرك جانيميد مدى المتاعب التي يمكن أن يسببها له ولجميع الآخرين في المحكمة فبحث عن طريقة لإطلاق سراح زيوس له، وفي الوقت نفسه كان راغبًا في مساعدة سكان الأرض بصب ماء الآلهة من أجل البشر، ثم يدرك زيوس أنّه عامل الشاب معاملة سيئة وكذلك والد الصبي فوضع جانيميد في السماء كوكبة الدلو بينما يكافئ تروس بالخيول الإلهية، وأصبح جانيميد حامل الماء للبشرية وعادت هيبي إلى دورها كساقي لزيوس فبقيت هيرا هادئة بهذا القرار من زيوس في الوقت الحالي ولكن لن يدوم هذا الهدوء وذلك في مغامرة زيوس التالية.

هذا هو الشكل الأساسي للحكاية ولكن الإصدارات المختلفة تتضمن تفاصيل مختلفة، ففي البعض يرسل زيوس نسرًا عملاقًا لاختطاف الشاب وفي حالات أخرى يظهر كرجل، وفي البعض يبدو جانيميد في سن 12 عامًا وفي حالات أخرى قد يكون في حوالي 16 عامًا، ولا تعمل هيرا دائمًا وفقًا لرغباتها لجعل حياة جانيميد بائس ولا تعود هيبي دائمًا إلى منصب ساقيها، ويبدو أنّ جميع الإصدارات تتفق مع ذلك على علاقة زيوس الرومانسية مع جانيميد.

والد جانيميد المعوض

لم يكن لدى جانيميد أي وسيلة لإعلام والده بما حدث له وكان تروس يعلم ببساطة أنّ ابنه مفقود، كما تسببت خسارة ابنه في التغلب على حزن تروس ومن جبل أوليمبوس تمكن جانيميد من رؤية الألم الذي كان والده يعاني منه، ولذلك لم يكن لدى زيوس خيار سوى القيام بشيء ما لتهدئة جانيميد، وأرسل زيوس ابنه هيرميس إلى دردانيا لإبلاغ تروس بما حدث لجانيميد، وهكذا أخبر هيرميس تروس موقع جانيميد المتميز الجديد على جبل أوليمبوس وهدية الخلود التي رافقته، كما قدم هيرميس إلى تروس هدايا تعويضية وهدايا تضمنت حصانين سريعين، وخيول كانت سريعة جدًا لدرجة أنّها تمكنت من الجري فوق الماء وكرمة ذهبية.

جانيميد حامل كأس الآلهة

بالإضافة إلى عاشق زيوس تم منح جانيميد دور ساقي الآلهة حيث كان يخدم الطعام الشهي والرحيق الذي يتم تقديمه في أعياد الآلهة، والآن ما إذا كان جانيميد قد سلب دور هيبي الساقي السابق للآلهة أم لا فهو مفتوح للنقاش، على الرغم من أنّ هيبي كانت متجهة إلى أن تصبح زوجة هرقل الخالدة لذلك كان الدور أن يصبح شاغرًا في أي مكان.

جانيميد وحرب طروادة

بصرف النظر عن اختطافه الأولي لم يكن جانيميد شخصية محورية في أي حكايات أخرى على الرغم من ظهور الأمير في حكايات حرب طروادة، وشهدت حرب طروادة بالطبع هبوط 1000 سفينة مليئة بقوات أخيان على الطريق، ولذا قاتل داردانوي وأحصنة طروادة جنبًا إلى جنب للدفاع عن طروادة، ولكن أزعج الموت والدمار الذي جلبه إلى وطنه جانيميد بشدة ونتيجة لذلك لم يكن قادرًا على القيام بدور حامل أكواب الآلهة وهكذا تولت هيبي الدور مرة أخرى لفترة وجيزة، وعندما انتهت الحرب ودخل الأخيون طروادة بقيادة أجاممنون في نهاية المطاف، وقام زيوس بتعتيم المنظر من جبل أوليمبوس حتى لا يلاحظ جانيميد نهاية مدينة طروادة.

جانيميد في السماء

كان حب زيوس لجانيميد شديدًا لدرجة أنّ الإله الأعلى وضع شبه جانيميد في النجوم مثل كوكبة الدلو، وبرج الدلو أسفل كوكبة النسر المختطف أكويلا (Aquila) في سماء الليل، كما كان بعض الكتاب في العصور القديمة يمنحون جانيميد مكانة شبه إلهية ويطلقون على جانيميد اسم الإله الذي جلب المياه التي تغذي نهر النيل العظيم، وعلى الرغم من وجود بوتاموي نيلوس الذي شغل هذا الدور أيضًا.


شارك المقالة: