صدى الصوت أو إيكو هي حورية التي لعنتها الإلهة هيرا بصدى صوت فقط كعقاب لإلهائها عن شؤون زيوس بأحاديثها التي لا تنتهي، وكانت محبوبة من الإله بان وأصبحت هي نفسها مفتونة بالصبي ناركيسوس (النرجس)، عندما رفضت الشابة تقدمها أهدرت ولم تترك شيئًا وراءها سوى صوت مردد، وفي لوحة زهرية يونانية قديمة صورت إيكو على أنّها حورية مجنحة ووجهها مغطى بالحجاب، وتستمر شخصية صدى الحورية من الأساطير اليونانية في جميع أنحاء الثقافة الغربية حتى الوقت الحاضر.
أسطورة صدى الصوت
إيكو أو صدى الصوت (ekhô) وباللغة الإنجليزية (Echo) هي واحدة من حوريات عرياد (Oreiad) -أي حوريات الجبل والكهوف- لجبل كيثيرون (Cithaeron) في بويوتيا (Boiotia)، وفي الأساطير اليونانية صدى هو حورية يمكنها فقط نطق الكلمات الأخيرة للآخرين بعد أن لعنتها الإلهة هيرا، وهي حورية جبلية تشتهر بموسيقاها المستوحاة من التأملية الإغريقية (Muses)، وترتبط قصتها مع أدب أسطورة النرجس، وعلى وجه الخصوص أعاد الشاعر الروماني أوفيد والشاعر اليوناني لونغوس سرد قصة إيكو في القرن الثاني، وحتى اليوم ترتبط الكلمة الإنجليزية (echo) ارتباطًا مباشرًا بهذه القصة الأسطورية.
لعنة هيرا لصدى الصوت
تختلف الأسطورة اليونانية حول الصدى عبر القرون حيث أخبر الكتاب من مختلف الأزمان نسخهم الخاصة من صدى الحورية، ويتضمن دور صدى في أدب اليونان القديمة شخصيات أخرى معروفة في الأساطير، حيث انجذب زيوس إلى الحوريات وغالبًا ما زارهم وهيرا زوجته التي شعرت بالغيرة من شؤونه المختلفة من الفساد والحب فتبعته في محاولة للقبض عليه، ومع ذلك فإنّ إيكو ستشرك هيرا في محادثات طويلة مما يمنح زيوس الوقت للتهرب منها، وفي مرحلة ما أدركت هيرا حبكة إيكو وشتمتها لتتمكن فقط من تكرار الكلمات الأخيرة التي قالها شخص آخر للتو، حيث أنّ إيكو أو صدى الصوت تعد حورية عرياد الذي عندما كان يلعب زيوس مع الحوريات اعتادت على إبقاء هيرا على مسافة من خلال التحدث معها باستمرار.
وبهذه الطريقة لم تكن هيرا قادرة على اكتشاف زوجها الخائن وكان لدى الحوريات الوقت للهروب، ومع ذلك اكتشفت هيرا الخداع وعاقبتها بتغييرها إلى صدى أي كائن لا يتحكم في لسانه ولا يستطيع التحدث قبل أن يتكلم أي شخص آخر ولا يصمت عندما يتكلم شخص آخر، ولعنة هيرا منعت إيكو من التعبير عن صوتها الأمر الذي عقد قدرة إيكو على التعبير عن مشاعرها تجاه نرجس عندما وقعت في حبه.
ثم وقعت الصدى في هذه الحالة في حب نرجس بشدة ولكن بما أنّ حبها لم يعود فقد اشتقت وهلكت حزنًا حتى أنّه في النهاية لم يبق منها سوى صوتها، وهناك رواية تقول أنّه صادف نرجس بحيرة وهناك وقع في حب صورته مما تسبب في وفاته وِأصبح غير قادر على الحركة، فحزنت إيكو عليه وتوفيت في النهاية تاركة وراءها صوتها فقط، حيث كانت هناك أروقة معينة في اليونان تسمى أروقة الصدى بسبب الصدى الذي سمع هناك، وهكذا كان هناك واحد في هيرميون بثلاثة أضعاف وواحد في أولمبيا مع صدى سبعة أضعاف.
صدى ونرجس في الأساطير اليونانية
قصة الصدى والنرجس هي واحدة من أكثر الحكايات ديمومة من الأساطير اليونانية وحكاية حب الذات والحب غير المتبادل هي قصة تم إخبارها وتكييفها على مدى عدة مئات من السنين، ولم يتم توضيح والدا حورية الجبل أبدًا لكنها تلقت تعليمها في الموسيقى على يد الصغار، وهي في حد ذاتها التي طاردها كل من أبولو وبان إيكو (الصدى) ولكنهما كانا يتجنبان تقدمهما.
وعلى الرغم من أنّ زيوس لم يطارد صدى فقد كان يميل لحورية الجبل، في حين أنّ زيوس سيجد طريقه مع الحوريات الأخرى كانت إيكو تتحدث لساعات مع هيرا مما يصرف الإلهة هيرا عن حماقات زيوس مثلما سرد عنها، الأمر الذي أدركت فيه هيرا في النهاية الدور الذي كان يلعبه إيكو في تمكين شؤون زوجها، ولذلك لعنت هيرا إيكو حتى لا يكون لها صوت خاص بها ولم تكن الحورية قادرة إلّا على تكرار كلمات الآخرين، فكان نرجس شابًا وسيمًا من مدينة ثيسبيي (Thespiae) في بويوتيا وكان يُنظر إليه عمومًا على أنّه ابن بوتاموي سيفيسوس وأوشينيد ليريوب على الرغم من أنّه كان يُطلق عليه أحيانًا اسم ابن إنديميون (Endymion) وسيلين آلهة القمر.
عندما كان لا يزال طفلاً تنبأ الرائي الأعمى تيريسياس (Tiresias) بأنّ نرجس سيعيش حياة طويلة فقط طالما أنّه لا يعرف نفسه وذلك على الرغم من أنّ المعنى ليس واضحًا تمامًا، حيث قد يُترجم على أنّه يعني أنّ نرجس لم يكن ينظر إلى نفسه وهو ما يتناسب مع سقوط نرجس، ولكن قد يُفهم أيضًا أنّه يجب أن يظل نرجس متواضعًا، ويكبر نرجس ليكون من بين أجمل البشر بجمال مساو لجمال إنديميون أو أدونيس أو هاسينثوس، وسيصبح نرجس صيادًا للغزلان ولكن جماله جلب العديد من المعجبين من الذكور والإناث إلى الموت والخلود.
قصة حب صدى لنرجس
يبدأ الأمر بصدى ملعون يقع في حب نرجس الذي يرفضها في النهاية، وتصوره توصيفات نرجس في الأساطير والأدب على أنّه شخص ولد وسيم ومحبوب من قبل الجميع وبالتالي مرغوب فيه من قبل الجميع، فكانت صدى أحد المعجبين بنرجس لأنّه بعد أن لعنت من قبل هيرا كانت حورية عرياد قد تتجول في بويوتيا وألقت نظرة خاطفة على الشاب النرجس بينما كان يصطاد ووقعت في حبه على الفور، ومع عدم وجود صوت خاص بها لم تستطع إيكو أن تنادي نرجس.
في النهاية ينفصل نرجس عن مجموعة أصدقائه فيصرخ عليهم، ثم يكرر الصدى مكالمات نرجس ليأتي ثم يجتمع، فشعر نرجس أنّها كانت تراقبه وصرخ، ولم يستطع إيكو الرد على سؤال من هناك؟ ويمكن أن يكرر فقط كلام النرجس، وتكرر بعد أن نرجس خرجت من الغابة لمقابلته والتي في النهاية تركت إيكو مخبأها وواجهت وجهًا لوجه مع نرجس، ومع ذلك يرفض نرجس إيكو وتنسحب إلى الغابة محرجة ومتأذية، حيث كان نرجس غير قادر على محبة أي شخص إلّا نفسه ورُفض إيكو بقسوة، وبسبب عارها تختبئ صدى وتعيش في كهف ولا يمكن سماعها إلّا على مسافة الجبال والغابات ولكن لم يسبق لها مثيل، التي ذهبت هاربة وعائدة إلى الغابات الجبلية وتلاشت بعيدًا ولم تترك وراءها سوى بقايا صوتها.
إلّا أنّ نهايته في وقت لاحق كانت أنّه تم الازدراء بنرجس لرفضه كل الآخرين على وجه التحديد صدى، ويُجبر نرجس لاحقًا على الوقوع في حب شخص لا يستطيع أن يكون لديه ويتركه كلما اقترب منه، ولذلك فإنّ أسطورة النرجس هي قصة كيف انجذب نرجس إلى بركة جميلة من المياه التي واجهها، وبينما كان يذهب لشرب الماء من هذه البركة يرى وجهًا مرسومًا تجاهه ويغلق عينيه بهذا الوجه، ويقع على الفور في حب هذه الصورة المثالية وهي انعكاس صورته الخاصة، ويقع نرجس في حب نفسه والذي من الواضح أنّه لا يستطيع أن يمتلكه، وعندما يحاول الوصول إلى الماء تختفي الصورة وعندما يحاول تقبيل الوجه الذي يراه يتلاشى مرة أخرى.