أسطورة صندوق باندورا

اقرأ في هذا المقال


منذ زمن بعيد جدًا في العصر الذهبي كان كل شخص جيدًا وسعيدًا، وكان دائما ربيعًا، وكانت الأرض مغطاة بالزهور ولم تهب سوى رياح لطيفة لترقص الزهور، ولا أحد لديه أي عمل ليقوم به، وكان الناس يعيشون على الفراولة الجبلية والتي كان يجب توفيرها دائمًا للتجمع وعلى العنب البري والتوت الأسود والجوز الحلو الذي نما بكثرة في غابات البلوط وتفيض الأنهار بالحليب والرحيق، وحتى النحل لم يكن بحاجة لوضع العسل لأنّه سقط على شكل قطرات صغيرة من الأشجار، وكانت هناك وفرة في كل مكان.

أسطورة صندوق باندورا وعلاقته بظهور المشاكل

في كل العالم لم يكن هناك سيف ولا أي سلاح يمكن أن يقاتل الناس بواسطته مع بعضهم البعض، ولم يسمع أحد عن أي شيء من هذا القبيل، ودفن كل الحديد والذهب في أعماق الأرض، وعلاوة على ذلك لم يكن الناس مريضًا أبدًا حيث لم يكن لديهم أي مشاكل من أي نوع ولم يتقدم في السن.

عاش الأخوان بروميثيوس وإبيميثيوس في تلك الأيام الرائعة وبعد أن استولى على النار من أجل الإنسان، وقرر بروميثيوس وهو يعلم أنّ كوكب المشتري سيكون غاضبًا، أن يذهب بعيدًا لفترة من الوقت في رحلة بعيدة ولكن قبل ذهابه حذر أبيميثيوس من تلقي أي هدية من الآلهة، وفي أحد الأيام بعد رحيل بروميثيوس لبعض الوقت جاء عطارد إلى كوخ إبيميثيوس يقود بيده شابة جميلة اسمها باندورا، وكان لديها إكليل من أزهار الورد المفتوحة جزئياً على رأسها، وعدد من السلاسل الذهبية الدقيقة الملتوية قليلاً حول رقبتها وكانت ترتدي حجابًا خفيفًا، وقدمها عطارد إلى إبيميثيوس قائلًا إنّ الآلهة أرسلوا هذه الهدية حتى لا يكون وحيدًا.

كان لباندورا وجه جميل لدرجة أنّ إبيميثيوس لم يستطع الاعتقاد بأنّ الآلهة أرسلوها إليه بحسن نية، ولذلك لم يلتفت إلى تحذير بروميثيوس بل أخذ باندورا إلى كوخه ووجد أنّ الأيام مرت بسرعة أكبر بسرور عندما كانت معه، ووسرعان ما أرسلت الآلهة لأبيميثيوس هدية أخرى، وكان هذا صندوقًا ثقيلًا أحضره الساتير إلى الكوخ مع توجيهات بعدم فتحه، ودعه إبيميثيوس يقف في زاوية كوخه وذلك لأنّه بحلول هذا الوقت كان قد بدأ يفكر في أنّ تحذير بروميثيوس بشأن تلقي هدايا من الآلهة لم يكن ضروريًا تمامًا.

في كثير من الأحيان كان إبيميثيوس بعيدًا طوال اليوم للصيد أو جمع العنب من الكروم البرية التي نمت على طول ضفاف النهر، وفي مثل هذه الأيام لم يكن لدى باندورا ما تفعله سوى التساؤل عما كان في الصندوق الغامض، وفي أحد الأيام كان فضولها عظيمًا لدرجة أنّها رفعت الغطاء قليلاً للغاية واختلست نظرة خاطفة، وكانت النتيجة مماثلة لما كان سيحدث لو أنّها رفعت غطاء خلية نحل حيث اندفع سرب كبير من المخلوقات المجنحة الصغيرة إلى الخارج، وقبل أن تعرف باندورا ما حدث أصيبت بالصدمة، وأسقطت الغطاء وخرجت من الكوخ وهي تصرخ، وكان إبيميثيوس الذي كان يدخل لتوه عند الباب مصابًا بلسعًا أيضًا.

كانت المخلوقات الصغيرة المجنحة التي تركتها باندورا تخرج من الصندوق هي المشاكل أول ما شوهد في العالم، وسرعان ما طاروا وانتشروا في كل مكان معسرًا ولسعًا كلما سنحت لهم الفرصة، وبعد ذلك بدأ الناس يعانون من الصداع والروماتيزم وأمراض أخرى، وبدلاً من أن يكونوا دائمًا طيبين ولطيفين مع بعضهم البعض كما كانوا قبل خروج المشاكل من الصندوق أصبحوا غير ودودين ومثيرين للجدل، وبدأت العين في التقدم في السن أيضًا.

أسطورة الهروب من مشاكل الصندوق

ولم يعد الربيع دائمًا حيث كانت الحشائش الصغيرة الطازجة التي غطت كل سفوح التلال والزهور ذات الألوان المثلية التي أعطت إبيميثيوس وباندورا الكثير من المتعة، وكانت تحترق بفعل شمس الصيف الحارة وتعضها صقيع الخريف، فلقد كان أمرًا محزنًا بالنسبة للعالم عندما تم التخلص من كل تلك المشاكل الصغيرة الشريرة!

هربت كل المشاكل من الصندوق ولكن عندما تركت باندورا الغطاء يسقط على عجل أغلقت في مخلوق صغير مجنح نوع من الجنيات الطيبة التي كان اسمها هو الأمل، وهذا الأمل الصغير أقنع باندورا بالسماح لها بالخروج، وبمجرد أن أصبحت حرة طارت حول العالم وأبطلت كل الشر الذي تسبب فيه المتاعب أي بأسرع ما يمكن لجنية جيدة واحدة أن تبطل العمل الشرير لمثل هذا السرب.

بغض النظر عن الشيء الشرير الذي حدث للبشر المساكين فقد وجدت دائمًا طريقة ما لتهدئتهم، وقامت بتلويح الرؤوس المؤلمة بجناحيها الجوسامريين (أنسجة الشمس) التي أعادت اللون إلى الخدود الشاحبة، والأفضل من ذلك كله همست لأولئك الذين يكبرون في السن أنّه يجب عليهم أن يكونوا صغارًا مرة أخرى في يوم من الأيام، وهذه هي الطريقة التي ظهرت بها المشاكل إلى العالم ولكن يجب ألّا ننسى أنّ الأمل جاء معهم.


شارك المقالة: