أسطورة نوم انديميون

اقرأ في هذا المقال


انديميون (Endymion) في الأساطير اليونانية هو شاب جميل قضى معظم حياته في نوم دائم، ويختلف أصل انديميون بين المراجع والقصص القديمة المختلفة ولكن العديد من التقاليد تقول إنّه كان في الأصل ملك إليس، ووفقًا لأحد التقاليد قدم له زيوس أي شيء قد يرغب فيه واختار انديميون نومًا أبديًا قد يظل فيه شابًا إلى الأبد، ووفقًا لنسخة أخرى من الأسطورة فإنّ النوم الأبدي لانديميون كان عقابًا من قبل زيوس لأنّه حاول خيانته مع زوجته هيرا، وعلى أية حال كان انديميون محبوبًا من قبل سيلين إلهة القمر حسب ما ورد ويقال أنّها أنجبت له 50 ابنة، وهناك شكل شائع من الأسطورة يمثل انديميون على أنّه تم وضعه للنوم من قبل سيلين نفسها حتى تستمتع بجماله دون إزعاج.

ورثة إيليان انديميون

من بين أبناء إيليان الثلاثة من انديميون فاز إبيوس (Epeus) في السباق على العرش وتوج ملكًا على إليس، وغادر الابن الثاني بايون (Paion) مع المستعمرين واستقروا في منطقة بايونيا شمال جبل أوليمبوس، وتم نفي الابن الثالث أيتولوس (Aitolos) بتهمة قتل إبيوس وأسس مملكة أيتوليا (Aetolia) على الجانب الآخر من خليج كورينثوس.

في عهد الملك إيبوس استولى المهاجر الليدي بيلوبس على بيزا وسيطر على معظم البيلوبونيسوس، وتوفي إيبوس بدون أطفال وترك العرش لابنه بالتبني وابن أخيه إليوس (Eleus) حيث ابن ابنة انديميون يوريكيدا (Eurycyda) من قبل الإله بوسيدون، وولد هذا الرجل بدوره أوجياس (Augeias) ملك إليان الشهير الذي خدع هرقل من مكافأته على تنظيف الاسطبلات، وذهب اثنان من أحفاد أوجياس في النهاية لقيادة القوات من إليس وجزيرة دوليشيون (Doulichion) المجاورة الآن لزاكينثوس إلى جانب حرب طروادة.

يقال إنّه تزوج من أستروديا (Asterodia) أو كروميا (Chromia) أو هايبيري (Hyperippe) أو نيوس (Neïs) أو إيفياناسا (Iphianassa)، أما أطفاله هم أيتولس وبايون وإبيوس ويوريديس وناكسوس، ومع ذلك محبوبًا بشكل خاص من قبل سيلين التي أنجبت منه خمسين ابنة، وجعل أبنائه ينخرطون في مضمار السباق في أولمبيا ووعد المنتصر بالخلافة في مملكته، وغزا إيبيوس إخوته وخلف إنديميون كملك إليس، وكان يُعتقد أنّه دُفن في أولمبيا والتي احتوت أيضًا على تمثال له في خزينة ميتابونشنز (Metapontians).

حب سيلين لانديميون

عندما كانت السهول أدناه قاتمة وبنية ومغبرة مع حرارة الصيف كان كل شيء على جبل لاتموس (Latmus) ساكنًا وباردًا ومنعشًا ومخضرًا وبدا وكأنه في عالم آخر، وكان الجبل أجمل ما في الليل عندما قاد القمر عربته الحربية وأغرق كل شجرة وكل المنحدرات العشبية بضوئها الباهت، وكان انديميون (Endymion) راعيًا شابًا قاد قطعانه عاليًا على جوانب هذا الجبل وسمح لهم بالتجول في المراعي الغنية على طول هوامش الجداول التي تغذيها الثلوج، وكان يحب هواء الجبل النقي وسكون المنحدرات العليا التي لم تنكسر إلّا برنين أجراس الأغنام أو غناء الطيور، وكان بين الحين والآخر يرسم احلامه في أيامه بعيدًا، فبينما كانت أغنامه وماعزه ترعى أو في الليل كان يميل رأسه على جذع شجرة أو حجر طحلب وينام مع القطيع.

كانت سيلين (Selene) إلهة القمر تحب زيارة جبل لاتموس، وفي الواقع كان الجبل بمعنى ما ملكًا لها، وكان تأثيرها هو الذي جعل كل شيء هناك هادئًا وجميلًا، وفي إحدى الليالي عندما سرقت من مكانها في السماء لتتجول في أحد المروج المزهرة في جبل لاتموس وجدت انديميون هناك نائمًا.

بدا الراعي جميلًا مثل أي زهرة على الجبل أو البجع الذي كان يطفو في البحيرة القريبة ورؤوسه مطوية تحت أجنحته، ولولا تنفسه المنتظم لكانت سيلين تعتقد أنّها وقفت تنظر إلى تمثال رخامي، وهناك على مسافة صغيرة وضع غنمه والماعز بلا حراسة والمعرضة للهجوم من قبل الوحوش البرية، حيث يبدو أنّ إنديميون كان راعيًا مهملاً جدًا وكان تأثير الهواء على جبل لاتموس، وعرفت سيلين أنّ الهواء الرائع لجبلها هو الذي جعل الراعي غافلًا وكذلك جميلًا لذلك بقيت بجانب قطيعه طوال الليل وشاهدته بنفسها.

جاءت في الليلة التالية واستمرت في المجيء ليلة بعد ليلة ولليالٍ عديدة لتحدق في النائم وتراقب القطيع الذي بدون حراسة، وذات صباح عندما عادت إلى السماء بدت شاحبة جدًا من مشاهدتها لدرجة أنّ كوكب المشتري سألها عن مكانها ووصفت الراعي الجميل الذي وجدته على جبلها واعترفت بأنّها كانت تحرس خرافه.

ثم توسلت من كوكب المشتري أنّه نظرًا لأنّ انديميون كان جميلًا جدًا جدًا فقد يبدو دائمًا كما رأته في نومه بدلاً من أن يكبر كما يجب على البشر الآخرين، وأجاب كوكب المشتري ملك الملوك زيوس أنّه: “حتى الآلهة لا تستطيع أن تمنح البشر الفانين الشباب والجمال الأبدي دون أن تمنحهم أيضًا نومًا أبديًا، ولكن انديميون يجب أن ينام إلى الأبد ويكون شابًا إلى الأبد”، فعرض عليه زيوس اختيار الأقدار واختار انديميون الخلود والشباب في سبات أبدي، وتم وضعه في كهف على جبل لاتموس في كاريا (Caria) حيث كان عشيقته القمرية تزوره كل ليلة، ولذلك هناك في كهف على جبل لاتموس ينام انديميون حتى يومنا هذا، فجماله الرائع لم يتلاشى في أصغر درجاته ولكنه ما زال يبعث على السرور لكل من يستطيع تسلق تلك المرتفعات الشاهقة.

رواية أخرى عن انديميون

في أسطورة أخرى -تتناقض مع الأولى- كان انديميون ملك إليس في بيلوبونيس اليونانية الذي أسس المملكة مع مجموعة من المستعمرين الأيوليين من ثيساليا (Thessaly)، وكان قد منحه زيوس معرفة مسبقة بوفاته وعندما حان وقته أقام مضمارًا لسباق الخيل في أوليمبيا وأمر أبنائه بالتنافس على العرش، وتم دفن انديميون بعد ذلك بجانب بوابة البداية، وتنتمي أساطير إيليان حول الملك انديميون إلى التقليد اليوناني، ومن ناحية أخرى كانت قصص الأمير النائم لجبل لاتموس في الأناضول ترجمة يونانية لقصص تتعلق برجال إله القمر كاريان الأصليين حيث كان كاريان شعبًا غير يونانيًا في تلك المنطقة من آسيا الصغرى، ونظرًا لأنّ إله القمر اليوناني كان أنثى فقد تم تعديل القصة إلى حد ما.

تسلسل الأسطورة

في التسلسل الزمني للأسطورة كان انديميون معاصرًا لسالمونيوس وسيسيفوس وأبناء أيولوس الآخرين الذين كانوا في الواقع أعمامه، وعندما استعمرت العائلة البيلوبونيسوس استقر انديميون الأراضي الواقعة شمال نهر ألفيوس وسالمونيوس الأراضي الجنوبية، وكان انديميون  حفيد حفيد ديوكاليون (Deucalion) الناجي من الطوفان العظيم، وكان والده إيثليوس وربما كان ملكًا لقبيلة ثيساليان الأخلاقية (Thessalian Aithikes) قبيلة من سلسلة جبال بندار، وحكم حفيده أوجياس إليس في زمن هرقل، بينما قاد أحفاده ومعظمهم من أحفاد الأحفاد قوات إليس ودوليخيون وإيتوليا وأرجوس في حرب طروادة، وأشهر هؤلاء كان ديوميديس وهو سليل مباشر من الأب.


شارك المقالة: