أشعار أبو الطيب المتنبي في الوصف

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن أبو الطيب المتنبي:

هو أحمد بن الحسين الكوفي، كان من أعظم شعراء العرب وأروعهم شعراً وأكثرهم تمكّناً باللغة العربية، عاش أفضل حياته في بلاط سيف الدولة الحمداني وكانت معظم قصائده في المدح والوصف، ولقب بالمتنبي لأنه كان يدّعي النبوة في صحراء الشام.

أشعار أبو الطيب المتنبي في الوصف:

لقد أجاد المتنبي الوصف مثل وصف الحروب التي وقعت في عصره، وأيضاً وصف الطبيعة وأخلاق الناس وكان يرسم صورةً رائعةً فيها جميع الأوصاف، كما أنها كانت قوية الإيضاح، وقد وصف شعب بوان وهذا الشعب كان يقيم في متنزه بالقرب من شيراز، فقد قال فيها أروع الأبيات، وقد وصف فيها الثمار ومحاصيلها، كما أنه صور غنى الحمام وغيرها من الاوصاف.

قصيدة وصف شعب بوان:

لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ
بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ

وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا
صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني

وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني
لَبِيقُ الثّرْدِ صِينيُّ الجِفَانِ

يَلَنْجُوجيُّ ما رُفِعَتْ لضَيْفٍ
بهِ النّيرانُ نَدّيُّ الدّخَانِ

تَحِلُّ بهِ عَلى قَلْبٍ شُجاعٍ
وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلبٍ جَبَانِ

مَنَازِلُ لمْ يَزَلْ منْهَا خَيَالٌ
يُشَيّعُني إلى النَّوْبَنْذَجَانِ

إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا
أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ

وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ
إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ

وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً
وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ

يَقُولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حِصَاني:
أعَنْ هَذا يُسَارُ إلى الطّعَانِ

أبُوكُمْ آدَمٌ سَنّ المَعَاصِي
وَعَلّمَكُمْ مُفَارَقَةَ الجِنَانِ

فَقُلتُ: إذا رَأيْتُ أبَا شُجاعٍ
سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكانِ

فَإنّ النّاسَ وَالدّنْيَا طَرِيقٌ
إلى مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَانِ

لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَوْلَ فيهِمْ
كَتَعْليمِ الطّرَادِ بِلا سِنَانِ

بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَتْ وَعَزّتْ
وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُدٍ يَدانِ

وأيضاً وصف الخيمة التي كان سيف الدولة يقيم فيها أثناء حروبه، وهذا يدل على أن المتنبي شديد التعبير وعنده ذوق وأبداع في الوصف، نسج فيها صورة رائعة، حيث وصفها وصفاً دقيقاً، حيث كان يقول أن هذه الخيمة تلامس السماء وحولها الأغصان والأشجار وصوت العصافير وصوّر مقتبض السيوف أجمل الصور.

هذه الأبيات في وصف خيمة سيف الدولة الحمداني:

عَلَيها رِياضٌ لَم تَحُكها سَحابَةٌ
وَأَغصانُ دَوحٍ لَم تَغَنَّ حَمائِمُه

وَفَوقَ حَواشي كُلِّ ثَوبٍ مُوَجَّهٍ
مِنَ الدُرِّ سِمطٌ لَم يُثَقِّبهُ ناظِمُه

تَرى حَيَوانَ البَرِّ مُصطَلِحًا بِها
يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ وَيُسالِمُه

إِذا ضَرَبَتهُ الريحُ ماجَ كَأَنَّهُ
تَجولُ مَذاكيهِ وَتَدأى ضَراغِمُه

وَفي صورَةِ الرومِيِّ ذي التاجِ ذِلَّةٌ
لأَبلَجَ لا تيجانَ إِلا عَمائِمُه

وَمَلَّ القَنا مِمّا تَدُقُّ صُدورَهُ
وَمَلَّ حَديدُ الهِندِ مِمّا تُلاطِمُه

سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يَزحَفُ تَحتَها
سَحابٌ إِذا استَسقَت سَقَتها صَوارِمُه

سَلَكتُ صُروفَ الدَهرِ حَتّى لَقَيتُهُ
عَلى ظَهرِ عَزمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُه

مَهالِكَ لَم تَصحَب بِها الذِئبَ نَفسُهُ
وَلا حَمَلَت فيها الغُرابَ قَوادِمُه

فَأَبصَرتُ بَدرًا لا يَرى البَدرُ مِثلَهُ
وَخاطَبتُ بَحرًا لا يَرى العِبرَ عائِمُه

وَيَستَكبِرونَ الدَهرَ وَالدَهرُ دونَهُ
وَيَستَعظِمونَ المَوتَ وَالمَوتُ خادِمُه

وَإِنَّ الَّذي سَمّى عَلِيًّا لَمُنصِفٌ
وَإِنَّ الَّذي سَمّاهُ سَيفًا لَظالِمُه

وَما كُلُّ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ
وَتَقطَعُ لَزْباتِ الزَمانِ مَكارِمُه

المصدر: كتاب " مع المتنبي " تأليف طه حسينكتاب " في عالم المتنبي " تأليف عبد العزيز الدمسوقيكتاب " ديوان المتنبي " للمؤلف عبد الرحمن البرقوقيكتاب " الشعر في رحاب سيف الدولة الحمداني " للمؤلف الدكتور سعود الجبار


شارك المقالة: