أشعار أبي تمام في المدح

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن أبي تمام:

أبي تمام هو حبيب بن أوس الطائي، وهو أحد شعراء العصر العباسي وأحد أمراء البيان، كان أبي تمام ذا كلام فصيح وله أعراض شعرية في المدح والرثاء والهجاء والغزل، وأيضاً له عدة مصنفات ومنها: فحول الشعراء وديوان الحماسة ومختارات أشعار القبائل والنقائض.

المدح عند أبي تمام:

كان المدح عنده ابداع وهو من الشعراء المادحين للخلفاء والأمراء، حيث كان الشعر في المدح عند أبي تمام يمتاز بالمنطق والفكر الواسع وكان يظهر في شعر المدح للممدوح شجاعته بشكل مباشر.

أشعار المدح عند أبي تمام:

كتب أبي تمام قصيدة فريدة من قصائده وكانت هذه القصيدة فتح جديد في الشعر العربي،حيث وضع فيها المعاني الحربية وكانت في مدح المعتصم بالله بن هارون الرشيد لأنه رفض الأموال التي وضعها ملك الروم للمعتصم فوقعت معركة انتصر فيها المعتصم بالله واسُر الروم آنذلك، فقد وصف الشاعر أبو تمام المعركة وصفاً دقيقاً وقد سميت هذه القصيدة فتح عمورية؛ لأنّ أبي تمام انتظر حتى ينضج العنب والتين لكي يستطيع فتح عمورية.

هذه قصيدة أبي تمام فتح عمورية يمدح فيها المعتم بالله، حيث قال:

السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَـاءً مِـنَ الكُتُبِ
في حَـدِّهِ الحَـدُّ بَيْـنَ الجِـد واللَّعِـبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ في
مُتُونِهـنَّ جـلاءُ الـشَّـك والـريَـبِ
والعِلْـمُ فـي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً
بَيْنَ الخَمِيسَيْـنِ لا في السَّبْعَـةِ الشُّهُـبِ
أَيْنَ الروايَـةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُـومُ وَمَا
صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومـنْ كَـذِبِ
تَخَرُّصَـاً وأَحَادِيثـاً مُلَفَّقَةً
لَيْسَتْ بِـنَـبْـعٍ إِذَا عُـدَّتْ ولا غَــرَبِ

عَجَائِبـاً زَعَـمُـوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً
عَنْهُنَّ في صَفَـرِ الأَصْفَـار أَوْ رَجَـبِ
وخَوَّفُوا النـاسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ
إذَا بَـدَا الكَوْكَـبُ الْغَرْبِـيُّ ذُو الذَّنَـبِ
ِوَصَيَّـروا الأَبْـرجَ العُلْـيا مُرَتِّبَةً
مَـاكَـانَ مُنْقَلِبـاً أَوْ غيْـرَ مُنْقَـلِـبِ
يقضون بالأمـرِ عنهـا وهْـيَ غافلةٌ
مادار فـي فلَـكٍ منهـا وفـي قُطُـبِ
لـو بيَّنـتْ قـطّ أَمـراً قبْل مَوْقِعِه
لم تُخْـفِ ما حـلَّب الأوثـانِ والصُّلُـبِ

فَتْـحُ الفُتـوحِ تَعَالَـى أَنْ يُحيطَ بِهِ
نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْـرٌ مِـنَ الخُطَـبِ
فَتْـحٌ تفَتَّـحُ أَبْـوَابُ السَّـمَاءِ لَهُ
وتَبْـرزُ الأَرْضُ فـي أَثْوَابِهَـا القُشُـبِ
ِيَـا يَـوْمَ وَقْعَـةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ
مِنْـكَ المُنَـى حُفَّـلاً مَعْسُولَـةَ الحَلَـبِ
أبقيْتَ جِدَّ بَنِـي الإِسـلامِ في صعَدٍ
والمُشْرِكينَ ودَارَ الشـرْكِ فـي صَبَـب
ِأُمٌّ لَهُـمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى جَعَلُوا
فـدَاءَهَـا كُــلَّ أُمٍّ مِنْـهُـمُ وَأَب

وَبَرْزَةِ الوَجْهِ قَـدْ أعْيَـتْ رِيَاضَتُهَا
كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَـرِبِ
بِكْـرٌ فَمـا افْتَرَعَتْهَـاكَفُّ حَادِثَةٍ
وَلاتَرَقَّـتْ إِلَيْـهَـا هِـمَّـةُ الـنُّـوَبِ
مِنْ عَهْـدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْقَبل ذَلِكَ قَدْ
شَابَتْ نَواصِي اللَّيَالِي وهْـيَ لَـمْ تَشِـبِ
حَتَّـى إذَا مَخَّضَ اللَّهُ السنين لَهَا
مَخْضَ البِخِيلَـةِ كانَـتْ زُبْـدَةَ الحِقَـبِ
أَتَتْهُـمُ الكُـرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً
مِنْهَـا وكـانَ اسْمُهَـا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ

َجرَى لَهَـا الفَألُ بَرْحَاً يَوْمَ أنْقِرَةٍ
إذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ والرِّحَبِ
ِلمَّا رَأَتْ أُخْتَهـا بِالأَمْـسِ قَدْ خَرِبَتْ
كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْـدَى مـن الجَـرَبِ
كَمْ بَيْنَ حِيطَانِهَـا مِنْ فَارسٍ بَطَلٍ
قَانِـي الذَّوائِـب مـن آنـي دَمٍ سَـربِ
بسُنَّـةِ السَّيْـفِ والخطِّي مِنْ دَمِه
لا سُنَّـةِ الديـن وَالإِسْـلاَمِ مُخْتَـضِـبِ
ِلَقَـدْ تَرَكـتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها
لِلنَّارِ يَوْمـاً ذَليـلَ الصَّخْـرِ والخَشَـبِ

غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى
يَشُلُّـهُ وَسْطَهَـا صُبْـحٌ مِـنَ اللَّـهَـبِ
حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ
عَنْ لَوْنِهَـا وكَـأَنَّ الشَّمْـسَ لَـم تَغِـبِ
ضَوْءٌ مِـنَ النَّـارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ
وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ فـي ضُحـىً شَحـبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ
والشَّمْـسُ وَاجِبَـةٌ مِـنْ ذَا ولَـمْ تَجِـبِ
تَصَرَّحَ الدَّهْـرُ تَصْريحَ الْغَمَامِ لَها
عَنْ يَوْمِ هَيْجَـاءَ مِنْهَـا طَاهِـرٍ جُنُـبِ

أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى
يَحْتَـثُّ أَنْجـى مَطَايـاهُ مِـن الهَرَبِ
وَوكلا بِيَفَـاعِ الأرْضِ يُشْرِفـُهُ
مِنْ خِفّة الخَوْفِ لا مِنْ خِـفَّـةِ الطـرَبِ
إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم، فَقَدْ
أَوْسَعْتَ جاحِمَهـا مِـنْ كَثْـرَةِ الحَطَـبِ
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ
جُلُودُهُـمْ قَبْـلَ نُضْـجِ التيـنِ والعِنَـبِ
يا رُبَّ حَوْبَـاءَ لمَّـا اجْتُثَّ دَابِرُهُمْ
طابَتْ ولَوْضُمخَتْ بالمِسْـكِ لم تَطِـبِ

ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ
حَيَّ الرضَا مِنْ رَدَاهُمْ مَيـتَ الغَضَـب
ِوالحَرْبُ قائمَـةٌ في مأْزِقٍ لَجِـجٍ
تَجْثُوالقِيَامُ بِه صُغْـراً علـى الـرُّكَـبِ
كَمْ نِيلَ تحتَ سَناهَا مِن سَنا قمَرٍ
وتَحْتَ عارِضِها مِـنْ عَـارِضٍ شَنِـبِ
كَمْ كَانَ في قَطْعِ أَسبَاب الرقَاب بِها
إلـى المُخَـدَّرَةِ العَـذْرَاءِ مِـنَ سَبَـبِ
كَمْ أَحْـرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَةً
تَهْتَزُّ مِـنْ قُضُـبٍ تَهْتَـزُّ فـي كُثُـبِ

بيضٌ إذَا انتُضِيَتْ مِن حُجْبِهَا رَجعَتْ
أَحَـقُّ بالبيض أتْـرَابـاً مِنَ الحُجُـبِ
خَلِيفَةَ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ
جُرْثُومَـةِ الديْـنِ والإِسْـلاَمِ والحَسَبَ
نُصرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها
تُنَـالُ إلاَّ علـى جسْـرٍ مِـنَ التَّـعـبِ
إن كان بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ
مَوْصُـولَةٍ أَوْ ذِمَـامٍ غيْـرِ مُنْقَضِـبِ
ِفبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا
وبَيْـنَ أيَّـامِ بَـدْرٍ أَقْــرَبُ النَّـسَـبِ
ِأَبْقَتْ بَني الأصْفَرالمِمْرَاضِ كاسْمِهمُ
صُفْـرَالوجُـوهِ وجلَّتْ أَوْجُـهَ العَرَبِ


شارك المقالة: