الزهد في العصر العباسي:
هو الشعر الذي يدعي إلى الابتعاد عن الحياة الدنيا والانشغال بالآخرة من حيث العبادة والتقرب إلى الله، ويعد الشعر في الزهد شعر لا تزييف فيه حيث يُظهر الحقيقة الدنيا كما هي، ويظهر هذا في النوع من أنواع الشعر في الزهد عند الشاعر أبو العتاهية عندما كان غافلاً في بداية حياته ثمّ التزم بالتصوف والزهد وأكثر من هذا الغرض في أشعاره وحيث أصبح له فلسفته الخاصة في الزهد والابتعاد عن الدنيا، قائلاً:
دنياك غرارة فذرها
فإنّها مركب جموح
لا تركب الشر فاجتنبه
فإنّه فاحش قبيح
تغلب في شعر الزهد البساطة في اللفظ والمعنى؛ لكي يكون قريب إلى إفهام الناس ويكون الشعر في الزهد أقرب أو أشبه للموعظة أو الخطبة أو الحكمة، وأيضاً شعر الزهد كان كثير من الشعراء يتأثرون بالقرآن لكريم، وكان في شعر الزهد التعبير المباشر والابتعاد عن الصور والمجاز.
أشعار الزهد في العصر العباسي:
تظهر قصائد أبو العتاهية عندما كان في حزن يصور الحياة وتعبده، قائلاً:
رغيف حبز يابس
تأكله في زاويه
وكُوز ماء بارد
تشربه من صافيه
وغرفة ضيقة
نفسك فيها خاليه
أو مسجد بمعزل
عن الورى في ناحيه
وقد قال أيضاً في أرجوزته التي تعد من بدائعه وهذه القصيدة طويلةً جداً وقد سماها أبو العتاهية ذات الأمثال، يقول فيها:
حسبك ممّا تبتغيه القوت
ما أكثر القوت لمن يموت!
إن كان لا يغنيك ما يكفيكا
فكل ما في الأرض لا يغنيكا
إن القلقل بالقليل يكثر
إن الصفاء بالقذى ليكدر
يا رب من أسخطنا بجهده
قد سرّنا الله بغير حمده