أشعار بشار بن برد في المدح

اقرأ في هذا المقال


بيئة بشار بن برد:

نشأ بشار بن برد في الدولة العباسية نشاةً خالصةً، كما أن لسانه كان قد نضج على استوى لسانه على اللغة العربية الفصحى، كما نظم شعره في سنٍ مبكر، وعندما بلغ سن العاشرة من عمره ظهرت عنده الموهبة الشعرية، إلى جان ذلك فقد كان مكروهاً عند الناس ؛ وذلك بسب لسانه خاصةً وأنّ أشعاره كانت شديدة الهجاء لذلك لم ينتشر.

أشعار بشار بن برد في المدح:

الشعر عند بشار بن برد كان وسيلةً لكسب المال، حيث كان العصر الذي عاش فيه هو عصر يتفجر بالغنى والطرب، وكان الخلافاء يهتمون بالشعر والمديح، فقد كان المديح في تلك الفترة وفيراً وحيوياً، حيث تركزن قصائد بشار على المدح لما له من أهمية وقيمة في كسب المال.

مناسبة القصيدة التي مدح فيها عقبة بن سالم ولي البصرة أيام أبي جعفر المنصور، روي أن رجل جاء الى بشار بن برد وقال له: إنّ مدائحك عقبة فوق مدائحك كل أحد، فرد عليه بشار بن برد قائلاً: إن عطاياه إياي كانت فوق عطاء كل أحد، فقال هذه القصيدة:

حيِّيَا صاحِبيَّ أُمَّ الْعلاَء
واحذرا طرف عينها الحوراء

إنَّ في عينها دواءً وداءً
لِمُلِمٍّ والدَّاءُ قبْل الدَّواء

ربَّ ممسى ً منها إلينا رغـ
م إزاءٍ لا طاب عيشُ إزاء!

أسْقمتْ ليْلة َ الثُّلاَثاء قلْبِي
وتصدَّت في السَّبتِ لي لشقائي

وغداة الخمِيسِ قدْ موَّتتْنِي
ثُمَّ راحتْ في الحُلَّة ِ الخضْراء

كخراج السَّماءِ سيبُ يديهِ
لقريبٍ ونازحِ الدَّارِ ناءِ

حرَّم اللَّه أنْ ترى كابْنِ سلْم
عُقْبة ِ الخيْرِ مُطْعِمُ الفُقَراء
يسقطُ الطَّيرُ حيثُ ينتثر الحبُّ
وتُغشى منازلُ الكرماءِ
ليس يعطيك للرِّجاءِ ولا الخو
فِ ولَكِنْ يَلَذُّ طَعْمَ العَطَاء
لاَ وَلاَ أَنْ يُقَالَ شيمتُه الجو
دُ ولَكِنْ طَبَائِعُ الآبَاءِ

ملكٌ يفرعُ المنابرَ بالفـ
وَيَسْقِي الدَّمَاءَ يوْمَ الدِّمَاء
كم له منْ يدٍ علينا وفينا
وأيادٍ بيضٍ على الأكفَاء
أسَدٌ يَقْضَمُ الرِّجَالَ وَإْن
شِئْتَ فَغَيْثٌ أجَش ثَر السَّمَاء
قائِمٌ باللَّوَاء يَدْفَعُ بالمَوْ
تِ رِجَالاً عَنْ حُرْمَة ِ الخُلَفَاء
فعلى عقبة َ السَّلامُ مقيماً
وإذا سارَ تحتَ ظلِّ اللِّواء

وأيضاً قال قصيدة في مدح الخليفة الأموي مروان بن محمد بن مروان، كانت مناسبة هذه القصيدة أن مروان خرج من دمشق لكي يناجي ابنه عبدالله الذي قد حاصره الضحاك بن قيس فوقعت معركة طاحنة، حتى قتل فيها الضحاك على يد المروان وفك الحصار عن ابنه عبد الله، فأخد بشار بن برد يمدحه في قصيدته، قائلاً:

جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ
وأزرى به أن لا يزال يعاتبه

خَلِيليَّ لاَ تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى
ولا سلوة المحزون شطت حبائبهُ

شفى النفس ما يلقى بعبدة عينهُ
وما كان يلقى قلبهُ وطبائبه

فأقْصرَ عِرْزَامُ الْفُؤاد وإِنَّما
يميل به مسُّ الهوى فيطالبهُ

إِذَا كان ذَوَّاقاً أخُوكَ منَ الْهَوَى
مُوَجَّهَة ً في كلِّ أوْب رَكَائبُهْ

إذا ركبوا بالمشرفية والقنا
وأصبح مروان تعدُّ مواكبه

فأيُّ امْرىء ٍ عاصٍ وأيُّ قبيلة ٍ
وأرْعَنَ لاَ تبْكي عليْه قرائبُهْ

رويداً تصاهلُ بالعراقِ جيادنا
كأنكَ بالضحاك قَدْ قَامَ نادِبُهْ

وَسَامٍ لمرْوانٍ ومِنْ دُونِهِ الشَّجَا
وهوْلٌ كلُجِّ الْبحْر جَاشتْ غواربُهْ

أحلَّتْ به أمُّ الْمنايا بناتِها
بأسيافنا إنا ردى من نحاربه

بَكيْن عَلى مِثل السِّنانِ أصَابَهُ
حِمَامٌ بأيْدِينا فهُنَّ نوادِبُه

فلمّا اشْتَفيْنا بِالْخِليفة ِ منْهُمُو
وصال بنا حتى تقضت مآربه

دَلْفَنا إِلَى الضَّحَّاك نَصْرفُ بالرَّدَى
ومروان تدمى من جذام مخالبه

معِدِّينَ ضِرْغاماً وَأسْودَ سَالِخاً
حُتُوفاً لمَنْ دَبِّتْ إِلَيْنَا عَقَاربُهْ

وما أصبح الضحاكُ إلا كثابتٍ
عَصَانَا فَأرْسلْنَا المنيَّة تَادبُهْ


شارك المقالة: