اقرأ في هذا المقال
يستمد الأدب أهميته من وصفه للواقع والإضافة إليه، أي تجاوزه التحليل إلى القيمة المضافة، من خلال تقديمه نماذج متباينة من آليات التفكير، سواء على صعيد الفرد أو المجتمعات، وفي ذلك إطار حدث ما. والأدب الرفيع أو الكلاسيكي يعادل أعلى فرص للتعليم، كما يوفّر للفرد التعرّف على العالم خارج إطار ذاته، ليتنور فكره ويحظى بفرصة محاكمة الأشياء، من خلال منظوره وفهمه الغني للحياة.
حيث يُقدّم الأدب للقارئ المتعة العميقة التي تتمثل في إغناء حياته على الصعيدين المعنوي والروحي، بالإضافة إلى إضفاء المعنى الشامل الذي يتجاوز تفاصيل حياته اليوميّة. ويعيدنا الأدب إلى قصص التاريخ، الملاحم، الكتب المقدسة والأعمال الكلاسيكية القديمة والحديثة، من خلال الشكل الأدبي الذي يتضمن اللغة وثقافة مرحلة الحدث.
كما أنَّ الأعمال الأدبيّة التي خلَّدها التاريخ خصوصاً للكاتب الروسي ليون تولستوي، بمثابة مرشد للمثل والقيم الإنسانيّة، التي من خلالها يفهم الإنسان حياته وحياة الآخرين.
كما تتيح الفرصة للفرد لإلقاء نظرة عميقة على أوجه الحياة المختلفة. وعليه فإنَّ الأدب قادر على تغيير رؤية الإنسان للحياة، سواء من خلال ما حققه الأدباء من إنجازات قيِّمة ساهمت في الارتقاء بثقافة ومفاهيم المجتمع، أو عبر سيرهم الذاتية في الأدب العربي الواقع، التي تلقي الضوء على تجاربهم المميّزة التي تُضيف إلى تجربة الإنسان وثقافته.
وفي المحصلة فإنَّ الأدب مرآة لكل زمان ومكان، فما كُتب في التاريخ غالباً من باب قوة سياسية وتوجهاتها، أمّا الأدب فهو مرجع أصدق وأغنى لمعرفة أحوال الناس وشؤونهم في مرحلة زمنية ما.
وهكذا فإنَّ محتوى الأدب أبعد من مضمونه الأدبي، المرتبط بمعاني الكلمات وجماليات التعبير والصياغة، فهو بمثابة الأسس التي تغني الحياة وتضيف لها، إنْ كان الأدب يُضيف لحياتها، فلمَ تخاشاه فئة كبيرة من المجتمع؟ لَم ترَ فيه أعداد كبيرة من الأسر، تهديداً لبنية ومنظومة الأفكار التي يمكن أن يكتسبها الأبناء في طور نموهم؟
هذه التساؤلات تترجم مخاوف المجتمع من الأدب. والتمعن في مثل هذه التساؤلات يعني بداية التمييز أو الفصلبي الأدب الحقيقي أو الكلاسيكي. وبين الكتب التي اتخذت مساراً مسطحاً. والهدف منه التسلية السطحيّة التي تخاطب العاطفة وحدها، بعيداً عن ارتباطها بواقع الإنسان.