ترتبط الأمثال الشعبية بالحكمة منذ تكوينها ونشأتها، فهي تنتج عن تجارب وخبرات الناس، وتعتبر من أهم عناصر الثقافة العامة لدى نسيج المجتمعات مهما كان الاختلاف في طبقاته، وفي هذا المقال سيرد ذكر مثل “إرضاء الناس غاية لا تدرك” والذي شُبه بمثل “الأماني لا تدرك بالتمنيات”.
قصة مثل “إرضاء الناس غاية لا تدرك”:
خرج جحا في يوم من الأيام هو وابنه ومعهم حمار، يتوجهون إلى السوق لشراء حاجاتهم، فساروا إلى جانب الحمار ولم يركب أحد منهم عليه، مروا بهم جماعة من الناس وقالوا على مسمعهم: إن هذا الرجل لئيم كل همه توفير المال ويشقي ابنه ونفسه تاركين الحمار دون أن يركب عليه أحداً منهم.
ركب جحا وابنه على الحمار، مروا بهم جماعة آخرين وعندما شاهدوهم، قالوا على مسمعهم: ما أقسى قلوب هؤلاء الرجال إنهم عديمي الرحمة، فإنهم يركبون الحمار معاً، فلا يكفيهم ركوب أحدهم، فهكذا يشقون الحمار، وعندما سمع جحا وابنه هذا الكلام، نزل الابن وبقي جحا راكب على ظهر الحمار، وسار ابنه وراءه.
شاهدهم جماعة آخرين فقالوا لهم: يا لك من والد قاسي تترك ولدك يسير خلفك وتركب أنت على ظهر الحمار حتى تتتنعم وترتاح، وعنما سمع جحا هذا الكلام نزل عن الحمار وقال لابنه: اركب يا ولدي أنت على ظهر الحمار، وسار جحا على قدميه خلفهم، فمر بهم جماعة آخرين فقالوا على مسمعهم: يا له من ابن عاق لوالده، إذ يركب هو الحمار، ويترك والده الرجل المسن المسكين يمشي سيراً على قدميه، حينها قال جحا لابنه: أرأيت يا ولدي إن رضا الناس غاية لا تدرك فمهما فعلت لا يعجبهم شيء.
العبرة من مثل “ارضاء الناس غاية لا تدرك”:
إرضاء الناس شيء لا يمكن تحقيقه في هذه الحياة، فكل أُناس لهم معتقداتهم وتفكيرهم الخاص، وينبثق حكمهم على ما يشاهدونه محصور ضمن تفكيرهم الخاص، فهما فعلنا ومهما عملنا لن يروا كما تريد أنت، بل كما هم يروا، فالإنسان يجب أن يركز في ارضاء الله سبحانه وتعالى أولاً وإرضاء نفسه ثانياً؛ لأنه إن تحقق إرضاء الله تعالى رضي باقي الخلق، فمن يكون محبوب عند الله يحبب به الله الخلق أجمعين، أما الناس فهم يتمايزون ويختلفون في تفكيرهم، ومهما تقدم لهم يبقى لديهم قلة القناعة بما تقدمه، ومن هنا جاءت قصة المثل إرضاء الناس غاية لا تدرك.