الحياة فانية فلو نفكر قليلاً في هذه الدنيا لن نجد ما يمنع الإنسان من عمل الخير، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بحب الخير للناس أجمعين، وكما حثنا رسولنا الكريم على حب الخير للغير في الحديث الشريف “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، إذ لهذا الأمر أثر كبير في النفس البشرية مما يعود ثماره على الناس بالخير.
قصة مثل “اعمل خير والقه في البحر”:
يقال في قديم الزمان أنه كان هناك رجل طيب القلب، غني وحكيم يحب الخير لجميع الناس، كان لديه قصر تطل نافذته على جزيرة بعيدة عن مملكته، فيتأمل هذا المنظر يومياً إذ كان يفصل بين مملكته وهذا المنظر مساحة واسعة من المياه، وفي أحد المرات دار في ذهنه سؤالاً حول تلك الجزيرة بأن هل يسكن فيها أحد؟ ومن أين يأكلون؟ وماذا يلبسون؟ وكيف يدبرون أمور معيشتهم؟ فقال لنفسه سوف استقص عن تلك الجزيرة وإذا كان يسكن فيها أناس، سوف أقدم المساعدة لهم وارى احتياجاتهم إذا كانوا بحاجة لشيء حتى أراهم سعداء مثلي، فنادى إلى الحاشية والخدم وأمرهم أن يحضروا صندوقا كل يوم وأن يضعوا فيه من جميع خيرات مملكته ويقوموا بإرساله إلى الأشخاص في تلك الجزيرة.
وبعد مرور فترة من الزمن وقعت بين هذا الرجل ورجل شرير مشكلة، وفي كل مرة كان الرجل الشرير ينتصر على الرجل الطيب حتى وصل به الأمر إلى محاصرة قصر الرجل الطيب الذي كان يسكن فيه، إذ كان لدى الرجل الطيب رجال مخلصين فطلبوا من الرجل الطيب أن يرحل بسرعة إلى تلك الجزيرة البعيدة؛ لأنه إذا بقي في هذا المكان سيموت، وأن في تلك الجزيرة أماناً أكثر لحياته.
وما لبثوا هؤلاء الأشخاص إلا أن أخذوا قارب صغير ووضعوا الرجل الطيب فيه وساروا به إلى تلك الجزيرة، وما إن وصل حتى أصيب بالتعب الشديد والإرهاق، إذ يجد جميع الخيرات التي كان يرسلها إلى هذه الجزيرة أمامه.
العبرة من مثل “اعمل خير والقه في البحر”:
يتسم هذا المثل بالبساطة، فحين يُقدِم الإنسان على عمل الخير لا ينتظر الجزاء من أي شخص قدم له الخير، بل يرميه في البحر، فعليه بنسيانه وينتظر جزاءه من الله سبحانه وتعالى، فتقديم الخير صفة جميلة تتصف بها أمة سيدنا محمد إلى يوم القيامة، لكن في هذه الأيام أصبح الناس الذين يقدمون الخير عملة نادرة؛ نظراً لأن غالبية الناس أصبحت تتشبث بالطمع في الدنيا وجحود في القلب، فينسون أن الله تعالى لا ينسى أجر من يحسن العمل في هذه الدنيا.