اقرأ في هذا المقال
هكذا همْ وهنّ، يعاقبوننا بالابتعادِ، ينفوننا بعيداً عنهُم لأنّهم يُدركونَ أنّ الغيابَ سيتلفُ الحياةَ في أعينِنا.
أثير عبدالله النشمي
قُلت لي يوماً بأنّ الأحلام تبتدئ فجأة! تخلق في لمحة عين، تولد في لحظة لا نتوقع أنْ يولد فيها شيء.
أنتِ أقوى مما تدّعين، أكثر صلابة مما تظهرين .. فبرغم نعومتك ورقّتك وسهولة خدشك إلا أنك فتاة شامخة ..قوية..ذات جذور عميقة وعتيقة ، وفتاة أصيلة ،تزأر حينما تُهان .. وتكبر حينما يحاول كائن من كان تحجميها أو تهميشها.
أنا مؤمنة أنّ البعد يجعلنا نعتاد الغياب، قد يدخلنا في حالة شوق في بداياته، لكنّنا في نهاية المطاف سنعتاده، لذا لا أؤمن بأنّ البعد يجعلنا أجمل.
ولا أدري كيف أعيشك وتعيشينني رغم بياضك ورغم سوادي، رغم ضوئك ورغم عتمتي.
كنتِ تختلفينَ عني في كلّ شيء، ولا تُشبهينني في أي أمر، ولا أدري حقاً كيف نتجاذب على الرغم من اختلافنا.
كنتِ عنيدة وامرأة مثلكِ حينما تُعاند لا تتنازل إلّا بإعتذار مذل وتضرّع طويل لذا لم أكن لأعتذر عمّا تفرعت به أبداً.
لم أكن أعلم أنّ الثقة أجمل ما في الحب..
الثقة التي تجعلنا ننام كل ليلة ونحن ندرك أنّ الحب سيظل يجمعنا.. أنّنا سنستيقظ في الغد لمجد الطرف الآخر عاشقاً لنا وغارقاً بنا.. مثلما نام وهو عاشق غارق..
أجمل ما في الحب هي تلك الثقة في أنّنا سنكبر معا، نفرح معاً.. نبكي معاً.. نمرض معاً.. ونظل أوفياء لبعضنا البعض حتى لو اختطف الموت أحدنا.
أنتِ تدركين جيداً ..
مثلما أدرك تماماً ..
بأنّني لست برجل مثالي ..
أنا أبعد الرجال عن المثالية ..
لكني لست بأسوئهم ..
حتى وإن أصررتِ على أني كذلك.
أدرك بأنكِ ترين بي وحشاً مسعوراً ..
يفترس النساء ليرميهين بعد افتراسهن ..
من دون أي إحساس بالذّنب ..
لكنّني لست كذلك يا جمان ..
لست إلّا رجلاً ..
رجلاً بكل ما في الرّجال ..
من مساوئ ومن مزايا ..
رجلاً تملأه العيوب ..
مثلما يتحلّى بالكثير من المحاسن ..
التي لا أعرف لماذا لا تبصرينها ..
ما أنا فحزنى حكاية طويلة .. حكاية لا يعرفها غيرى ولن يفهمها يوماً أحد ,, أنا رجل لا ينهار حين يحزن ,,رجل يزداد صلابةً ,, يزداد قسوةً مع كل وعكه حزن ,, يزداد خشونةً وجفافاً وأنتِ تعرفين بأن مصير كل عود يابس هو الكسر.أتدرين أحتاج كثيراً لأن أبكي أكبر حاجاتى فى الحياة هى حاجتى إلى البكاء الآن..
سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادّة تلك كقذيفة من لهب… كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها. لا أعرف كيف سلبتني بتلك السرعة يا جمان، لا أفهم كيف خلبتِ لبي من أول مرة وقعت فيها عيناي عليكِ. استفززتكِ كثيراً يومها، كنت ازداد عطشاً لاستفزازكِ بعد كل كلمة وبعد كل جملة، عصبيتكِ كانت لذيذة، احمرار أذنيكِ كان مثيراً، كنتِ ( المنشودة) باختصار ولم أكن لأفرّط بكِ بعدما وجدتكِ. حينما غادرتِ المقهى يا جمان، قرّرت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأنْ تكوني لغيري أبداً .
اشتقت لأغانيك، لذوقك الغنائي الذي لا يمتّ لعمرك بصلة، أنتِ التي تحب الأصالة بالطرب سواء أكان عربيا أم أجنبيا، من يراك لا يصدق ماتحبينه و ما تسمعينه، التناقض الحاد بين عصرية مظهرك و كلاسيكية ذوقك لا يتخيله أحد و لا يعرفه سواي .
أعرف أن لديكِ أسبابك في الإلحاح، أفهم ذلك لكنك لا تفهمين أنني بحاجة لأن تبتعدي عني لبعض الوقت، وأن تمنحيني مساحة كبيرة أختلي فيها بنفسي بعيداً عنكِ لأفكّر، وأخطّط و أجرب، وأستعرض المكاسب و الخسائر و المزايا والمساوئ.
أعرف أنك لم تخطئي في شيء، و أعرف بأنّ الذنب ليس ذنبك، لكنّني أحتاج لأن تعتقيني قليلاً، أحتاج لأن تُطلقي سراحي لبعض الوقت، لأعود متيقناً و مؤمناً بدل من أن أظل متشكّكاً و منافقاً معك.
أحبكِ , لكني لا أقدر على أن أكون نفسي معكِ , أنت تحبين صورتي التي لا تُشبهني و التي لا يراها أحد غيركِ , صورتي التي لا توجد إلا في عينيكِ أنت فقط , الصورة التي خلقتها أنتِ , و التي جاهدت كثيرًا لأشبهها و لأتلبسها و لاأكونها فقط لأرضيكِ ,
لكنني لم أتمكن من الصّمود , حاولت كثيرًا أن أصمد لكنني انهرت كثيرًا أيضًا , حاولت إستجماع قواي و بقايا صورتي التي تحبينها لكنني لم أقدر على أن أفعل ذلك أكثر مما فعلت.