الاستفهام في شعر الحكمة في شعر لبيد بن ربيعة

اقرأ في هذا المقال


لبيد بن ربيعة شاعر بارز امتاز بأبياته الشعرية متعددة الأساليب، ومنها الاستفهام في شعر الحكمة.

الاستفهام في شعر الحكمة في شعر لبيد بن ابي ربيعة

من الأمثلة على أسلوب الاستفهام في شعر الحكمة قول لبيد بن ربيعة:

عِشتُ دَهراً وَلا يَدومُ عَلى ال

أيّامِ إِلّا يَرَمرَمٌ وَتِعارُ

وَكُلافٌ وَضَلفَعٌ وَبَضيعٌ

وَالَّذي فَوقَ خُبَّةٍ تيمارُ

وَالنُجومُ الَّتي تَتابَعُ بِاللَيل

وَفيها ذاتَ اليَمينِ اِزوِرارُ

دائِبٌ مَورُها وَيَصرِفُها الغَور

كَما تَعطِفُ الهِجانُ الظُؤارُ

ثُمَّ يَعمى إِذا خَفينَ عَلَينا

أَطِوالٌ أَمراسُها أَم قِصارُ

فمن الواضح في قول الشاعر “عشت دهراً” مدى سأم وملل الشاعر من حياته الطويلة، فعلى الرغم من طول الحياة فليس له طريق في النهاية غير الموت، وقد قام بالتعبير عن هذا بطريقة النفي، حيـث يقول: “ولا يدوم على الأيام إلا يرمرم وتعار”.

فالجميع في النهاية يفنى ولن يبقى غير الجبال الـشامخة، ووصف النجوم التي هي في حركة دائمة، وقد قام بالتعبير عنها بالفعل المضارع (ويقوم بصرفها)؛ وهذا يدل على التجديد في حركتها في الليالي بصورة مستمرة.

وفي أبياته “تعطف الهجان الظـؤار”، فمعنى الهجان: هي الإبل، ومعنى الظؤار: تقديم العاطفة لغير أبنائها، ويقول في ذلك: كما يصرف الهجان الدوار والمعنى من ذلك: أن هذه النجوم دائمة الحركة، مثل النساء التي تدور وتعطي عاطفتها لغير أبنائها.

ثم يقوم الشاعر بالتساؤل بقول: “أطول أمراسها أم قصار” فالمـستفهم عنــه في هذه الأبيات هو (أطوال)، وقد ذكر له معادل بعد (أم) المتصلة في قول (أم قصار)، وجواب الاستفهام بذلك يكون بتحديد المستفهم عنه، فلبيد بن ربيعة يقوم بالتساؤل: “أهي معلقة في السماء بأحبال طويلة أم قصيرة؟”

والهدف من أسلوب الاستفهام في هذه الأبيات هو إظهار التشكيك وعدم المقدرة على التفسير، فقد عمل أسلوب الاستفهام على التوهم بالحقيقة، وكأن النجوم بالفعل تشدّها الحبال، ولكنه لا يعلم هل الحبال تلك أطويلة أم قصيرة، أي: أيمكن أن تتحرك النجوم وتزول، أم لا يمكن ذلك؟ فهذا أسلوب الاستفهام الرائع الذي وظّفه لبيد بن ربيعه في أشعاره الرائعة.


شارك المقالة: