كان الشاعر لبيد بن ربيعة فارساً مـن بين فرسان قبيلته، وقد قام بالجمع إلى جانب هذه الفروسـية أشعاره القوية، فهو من الشعراء البارزين في قبيلة بني عامر ومكانته ومنزلته كبيرة.
الاستفهام في شعر الوصف عند لبيد بن ربيعة
من الفنون البارزة التي أبدع فيها لبيد هو فن الوصف، ومن الممكن للشخص الذي يقرأ شعره أن يقف على مدى استخدامه لفن الوصف؛ لأنه رصد الجزء الأكبر من شعره لهذا الفن، فقد قام بوصف الطبيعة بما فيها حيواناتها، والحيوان عند لبيد بن ربيعة له شأن عظيم في أشعاره.
ومن أهم ما في شعر لبيد من ربيعة هو كيف يصف ناقته مستخدماً أسلوب الاستفهام في ذلك، فهذه الناقة مختلفة عن النوق الباقية في نظره.
وقد صور الشاعر ناقته بأن فيها حياة ونشاط وصلابة، فهو يقوم بتتبعها ومسايرتها، ويقوم بتشبيهها بالبقرة والثور، والحمار والأتان والظليم، ثم يزيد في وصف هذه الحيوانات ويحكي لها القصص؛ ثم يقول بعد ذلك إن ناقته حالها كحال هذه الحيوانات، فيقول في وصفها:
أَذَلِكَ أَم عِــــراقِـــيُّ شَـــتـــيـــمٌ
أَرَنَّ عَــلى نَــحـائِصَ كَـالمَـقـالي
نَــفــى جِـحـشـانَهـا بِـجِـمـادِ قَـوٍّ
خَـليـطٌ مـا يُـلامُ عَـلى الزِيـالِ
وَأَمـكَـنَهـا مِـنَ الصُـلبَـيـنِ حَـتّى
تَـبَـيَّنـَتِ المِـخـاضُ مِـنَ الحِـيـالِ
شُهـورَ الصَـيـفِ وَاِعـتَـذَرَت عَـلَيهِ
نِـطـافُ الشَـيِّطـَيـنِ مِـنَ السِـمـالِ
في هذه الأبيات يقوم الشاعر بتشبيه ناقته مرةً بالثور، ومرةً أخرى بحمار عراقي، وهذا التشبيه يعتبر تشبيه ضمني يرتكز علـى الاستفهام الذي يدل على الحيرة، وعدم الاستطاعة في التفريق بين الطرفين، فيقول وهو متسائل: أذلك ثور أم حمار عراقي قبيح الوجه صاح على أتان؟
وإن الانتقال الذي قام به الشاعر في الأبيات إلى المشبّه به الثاني عن طريق الاستفهام ب(أم) دليل على اللَّبس والتشكيك بين شيئين، واحد منهما أقوى من الثاني، وهذا دلالة على قوة إعجابه بقوة ناقته.
وأسلوب الاستفهام قد تكرر في شعره، فمرة يقول: أذلك؟ ومرة يقول: أتلك؟ وغيرها من أسماء الإشارة؛ ليقوم بالدلالة على قوة الشبه بين ذلك الحيوان الذي يقوم بوصفه، وبين المشبه به وهو الناقة.