البحث عن الذات في الشعر الجاهلي

اقرأ في هذا المقال


إن المتمعن في الشعر القديم يدرك مدى أهميته حيث وضح لنا الملامح الأساسية لهيئة الذات الإنسانية عامة والشعراء خاصة بعد أن عانوا من أزمة الذات.

مجالات البحث عن الذات في الشعر الجاهلي

1- البحث عن الذات في توترها الديني: تكمن أهمية الديانة بأنها من الضروريات الاجتماعية التي توفر الأمن والسلام الداخلي وتنهي التوتر ومثال على هذا تعظيم الجاهلين للكعبة، وكانت تحتل مكانة  في نفوسهم فهي المكان الآمن وأثبتت الشواهد على إيمانهم بوجود إله من أجل حمايتها من أبرهة الأشرم:

لاهُمَّ إنّ العبدَ يم

نع رحلهُ فامنع حلالك

2- البحث عن الذات في المشاهد الطللية: من خلال التعمق في هذه نشاهد بأنها بلورة لعواطف الذات الجاهلية نحو انتهاء الحياة فهي ليست مجرد تقليد سار عليه الأدباء دون غابات شعورية ترتبط بالذات، إنما يمكننا فهم الذات الجاهلية من خلال دراسة هذه المقدمات، ولقد برزت الذات في قلق دائم بسبب البيئة الصحراوية وتنبت المشاهد الطللية انعكاساتها السلبية على الذات الجاهلية ومثال عليها ما نظمه عبيد بن الأبرص:

لِمَنِ الدارُ أَقفَرَت بِالجَنابِ

غَيرَ نُؤيٍ وَدِمنَةٍ كَالكِتابِ

3- البحث عن الذات في صور الليل: يعتبر الليل من المواضيع الرئيسية التي ظهرت فيها معاناة الأديب الجاهلي من الدهر، فكان الليل في المقطوعة وقت الحصار والسجن يحمل في دلالاته الأسر والجمود مثلاً النجوم مأسورة إلى الجبال لا يمكنها التحرر، والشاهد على هذا البحث ما خطه امرؤ القيس من أبيات تحمل دلالات نفسية عندما ارتبط فيه الزمن الداخلي للذات بالزمن المحيط به حيث أنشد:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله

علي بأنواع الهموم ليبتلي 

4- البحث عن الذات في مشاهد الشيخوخة: إن مشاهد التقدم بالعمر تبرز فيها مدى الضعف ووهن الذات البشرية في مجابهة مصاعب الحياة، ولقد عج الشعر الجاهلي بالعديد من المقطوعات التي توضح هذه التجربة وهيئة الذات فيها ومنها ما خطه عمرو بن قميئة الذي رأى الباحثين أنه أول من تحسر وبكى على شبابه عندما أنشد:

يا لهف نفسي على الشباب ولم

أفقد به إذ فقدته أمسا


شارك المقالة: