العاقل في هذه الحياة هو من قام بتجريب شيء ووجد فيه الضرر، فقام بالابتعاد عنه وتفاديه في الأمور القادمة، ومن قام بتجريب شيء آخر ولقى فيه المنفعة فاقترب منه، فالمؤمن لا يلدغ مرتين من نفس جحر، ومن خلال هذا الأمر تُعد التجربة أكبر برهان ولا يستغنى عنها فالفرد حتى لو تعلم واستفاد من تجارب وخبرات الآخرين تبقى تجربته الشخصية وخبرته الذاتية لها دور كبير في ترك بصمة في تغيير معتقدات وتكوين شخصية الفرد.
قصة مثل “التجربة خير معلم”:
يُحكى قديماً أنه كان مزارع نشيط جداً يفيق مبكراً من أجل الاعتناء بأرضه ومتابعتها، كان لدية أربعة صبيان عكس أبيهم تماماً يسيطر عليهم الكسل لا يفيقون مبكراً، ولا يحبون العمل في الأرض ولا يقدمون أي مساعدة لوالدهم.
أراد والدهم في أحد الأيام أن يلقنهم درساً يدركون فيه قيمة العمل، حيث قام بجمعهم وقال لهم: يا أولادي لقد قمت بترك كنز لكم أخبأته تحت الأرض، إذا أردتم إخراجه فعليكم أن تقوموا بحفر الأرض جيداً من أجل الوصول إليه، سُّر الأولاد كثيراً وقاموا على الفور بحمل مناجلهم وفؤوسهم متجهين إلى الأرض حتى يمارسوا عملية الحفر.
وبعد أن انتهى الأولاد من حفر الأرض كلها، لم يجدوا فيها أي كنز فذهبوا إلى أبيهم من أجل السؤال عما حصل معهم، فقال لهم: أنتم الآن قمتم بحفر الأرض، ولكن لغاية الآن لم نقم بإلقاء البذور فيها، عليكم أن تلقوا البذور، فوافقوا الأولاد سريعاً من أجل الحصول على الكنز.
وبعد مرور العديد من الأسابيع بدأ المحصول بالإنبات وخرجت الذرة على مدى الأرض، وعندما جاء وقت الحصاد قاموا الجميع بمساعدته بعضهم بعضاً، حينها قال الوالد لأبناءه إذا أردتم الحصول على الكنز عليكم ببيع المحصول في السوق في البداية، وفعلاً ذهب الأبناء إلى السوق من أجل بيع المحصول، وعند عودتهم كان معهم كيس مملوء بالنقود.
وعند حضور والدهم سألوه عن الكنز الذي قام بوعدهم به بعد أن يبيعوا المحصول، فقال لهم: الكنز بين أيديكم فالمال الذي جنيتوه من تعبكم وعملكم بالأرض، فالأرض هي الكنز الذي تركته لكم وبقليل من الأعمال البسيطة في شقائها تمكنون من الحصول على جميع ما تريدون، فالكنز لا يقتصر على وجود المال والذهب فقط، إنما الكنز الحقيقي هو عملكم في أرضكم، ومن هنا أدركوا الصبيان من خلال تجربتهم أن الكنز الحقيقي هو ثمار الاجتهاد والعمل.