اتجهوا علماء العرب بتعريف اصطلاح المثل على أنه المدلول، حيث اتسعوا بتعريفه وذكر الصفات العامة فيه، وقد دوّن ذلك في كتاب “الأمثال” لأبي عبيد القاسم بن سلام.
قصة مثل “الحب أعمى”:
في إحدى الأيام حيث كان لا يوجد سوا الرذائل والفضائل حينها، فأصابهن الشعور بالملل، فقررت الفضائل أن تلعب لعبةً؛ للتخلص من الملل، حيث سُميت تلك اللعبة بالغميضة، فرح الجنون بتلك الفكرة واقترح أنه هو من يبدأ باللعب، فغطى عيناه وباشروا الرذائل والفضائل بالاختباء والتخفي، استدار الجنون نحو الشجرة وبدأ بالعد.
الخيانة قامت بالاختباء في كوم من النفايات، أما الرقة فاختبأت فوق القمر، والولع أخذ بنفسه بعيداً واختبىء بين الغيوم، ولجاء الشوق إلى جوف الأرض، والكذب كعادته قال أمامهم أنه سيختبىء تحت الحجارة، لكنه اختفى في قعر البحر، وعنما وصل الجنون في العد إلى الرقم ثمانين، كان الجميع مختبىء ما عدا الحب.
الحب كالعادة لا يستطيع أن يتخذ قرار، فهو معروف عنه بصعوبة اختفاءه، وفجأة قفز الحب في باقة من الورد وجدها أمامه، وعندما وصل الجنون إلى نهاية العد، كما كان متوقع الجميع أن الكسل كان أول الخاسرين، حيث لم يقوى على بذل أي جهد غي محاولة الاختباء، والكذب قطع نفسه وخرج من قاع البحر مستسلماً، وكشف أمر الرقة فوق القمر، ولم يقم الجنون حينها بالبحث عن الشوق، إذ أنه ظهر سريعاً، فالجميع ظهر دون أي مجهود من الجنون، باستثناء الحب.
هلك الجنون بالبحث عنه ولكن دون جدوى لم يجده، فجاء الحسد وهمس في أذن الجنون وقال: إن الحب مختبىء في باقة الورود، ذهب الجنون وأحضر شوكةً خشبيةً، وبدأ يطعن بشكل عشوائي وطائش في الورود؛ كي يجبر الحب على الظهور، فصاح الحب باكياً فقد أصابه الجنون في إحدى عينيه، فحزن الجنون كثيراً على العمى الذي سببه للحب، فقال الحب للجنون لا فائدة من حزنك، فإن أردت أن تفيدني عليك أن تكون دليلي، وهذا ما حصل فمنذ ذلك الحين والجنون يرافق الحب أينما كان.
العبرة من مثل “الحب أعمى”:
الحب هو أجمل شعور قد يحصل للإنسان في حياته، ولكن هناك ارتباطات كثيرة ترتبط بالحب سببها الجنون في الحب، مثل الفراق والحزن والبكاء، مما يجعل الشخص عندما يخوض في الحب تعمى بصيرته عن ما يلحق بالحب من حزن وبكاء وشوق.