الخطابة الرسمية في العصر الأندلسي

اقرأ في هذا المقال


يعتبر فن الخطابة من الفنون الأدبية المهمة في العصر الأندلسي، وكان شائع ومستخدم كثيرًا في هذا العصر، وقد ساهم في الدفاع عن القيم والأفكار، وكان وسيلة مجدية ومقنعة لتوصيل الآراء والأفكار وخصوصًا السياسية منها إلى الجماهير، وقد أسهمت العوامل إلى ازدهار هذا الفن وتنشيطه كما ساهمت في توفير العديد من الأفكار وكذلك المعاني لدى الخطباء، ولقد سطع نجم العديد من الخطباء في هذا العصر.

تعريف فن الخطابة الرسمية

يعرف فن الخطابة بأنها فن نثري بحت، ولقد ظهرت في الأندلس وتطورت بشكل لافت، وتعتبر الخطابة بأنها طريقة لمحادثة المستمع ومحاولة إقناعه بآراء وأفكار معينة، والمستمع هو العنصر الأساسي في الخطابة وإلا اعتبرت المحادثة عبارة عن وصية.

الخطابة في العصر الأندلسي

نشأت الخطابة في العصر الأندلسي وتطورت، وكان للأحداث السياسية أثر واضح في انتشارها وتطورها، وكان يلجأ إليه الخطباء وخصوصًا عند سقوط المدن والممالك الأندلسية في قبضة الأعداء، فكان يلجأ إليه الخطباء وسيلة للدعوة إلى الجهاد واستنهاض الهمم، وبث التشجيع والحماسة في نفوس أهل الأندلس ليهبون لنصرة بلادهم وتخليصها من قبضة الأعداء.

أنواع الخطابة في العصر الأندلسي

تطور فن الخطابة وازدهر في العصر الاندلسي، وكان للعوامل والأحداث التي مرت بها الأندلس أثر واضح في ازدهارها، وتفرع من هذا الفن عدة أنواع، وكل نوع يختص بشأن من شؤون الحياة فظهر منها ما يحمل الطابع الديني والاجتماعي وكذلك سياسي ومن أبرز هذه الأنواع ما يلي:

1- خطابة ذات طابع اجتماعي.

2- خطابة ذات طابع ديني.

3- خطابة ذات طابع سياسي.

4- الخطابة الحفلية.

أشهر رواد الخطابة في العصر الأندلسي

1- الخطيب القاضي عياض.

2- الخطيب أبو بكر الطرطوشي.

3- الخطيب طارق بن زياد.

4- الخطيب لسان الدين الخطيب.

5- الخطيب الأمير عبد الرحمن الداخل.

6- الخطيب أبو المطرف بن عميرة.

7- الخطيب منذر بن سعيد البلوطي.

8- الخطيب محي الدين بن الزكي.

مراحل الخطابة في العصر الأندلسي

1- عصر الولاة والأمويين: تميزت الخطابة في هذا العصر بأنها كانت ذات طابع ديني وسياسي، وكما تناولت الأمور التي تخصّ القبائل في هذا العصر.

2- عصر ملوك الطوائف: عندما انهارت الأندلس وتفككت وأصبحت تحت إدارة ملوك الطوائف، وغلب على الأندلس الضعف في هذا العصر، وقسمت الدولة إلى دويلات أصبح الأمراء يتنافسون عليها، وقد أثّر كل هذا على فن الخطابة فأصبحت تتصف بالضعف والتصنع، وكثرة استخدام أسلوب السجع فيها فعزف الناس عن سماعها.

3- عصر المرابطين والموحدين: استعادة الخطابة ألقها في هذا العصر، وكان ذلك في عهد سلطان المغاربة الذي دعم الأندلس وجعلها تستعيد تألقها وعزها بالإسلام، وترتب على ذلك بروز فن الخطابة وتألقه من جديد.

4- عصر ملوك بني الأحمر في غرناطة: ظهرت الخطابة في هذا العصر، وكانت بمثابة دعوة للجهاد واستنهاض الهمم لنصرة الأندلس وتخليصها من قبضة الأعداء.

أهمية الخطابة في العصر الأندلسي

1- كانت الخطابة هي الوسيلة المُجدية في الدعوة للجهاد واستنهاض الهمم.

2- تعتبر الخطابة فن من الفنون الأدبية التي لها وقع وأثر في المُتلقِ، مما أدى إلى تطورها وازدهارها في الأندلس.

خصائص فن الخطابة في العصر الأندلسي

1- بروز العاطفة الدينية فيها وخصوصًا عند الاستشهاد بالقرآن الكريم، وكانت تزخر بالكثير من الاستشهاد بالقرآن والسنة النبوية الشريفة.

2- كانت تتسم بالقوة وترابط الأفكار فيها حتى تلقى أثر في نفس المستمع.

3- مراعات الخطيب إلى تغير نبرة صوته سواء من حدة أو لين لإثارة النفوس.

4- اتسمت الخطابة في العصر الأندلسي بسهولة الألفاظ المنتقاة بتأني وعن دراية، وكان يلجؤون إلى المعاني السهلة الواضحة.

5- توظيف الصور البيانية والمحسنات البديعية، مثل السجع والجناس وغيره من المحسنات.

6- البلاغة في الخطابة مع مراعاة أن تكون الألفاظ سهلة واضحة للمستمع.

نماذج من الخطب في العصر الأندلسي

1- خطبة طارق بن زياد عندما فتح الأندلس حيث قال:

أيها الناس، أين المفر، البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، وأعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه، وقواته موفورة وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي أعدائكم وإن امتدت لكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا، ذهبت ريحكم، وتعوضت القلوب من رعبها منكم الجرأة عليكم”.

2- خطبة محي الدين بن الزكي التي قالها في فتح بيت المقدس وكانت أول خطبة في المسجد الأقصى بعد تحريره حيث قال فيها:

“أيها الناس أبشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى، والدرجة العليا، لما يسره الله على أيديكم من استرداد هذه الضالة من الأمة الضالة، وردها إلى مقرها من الإسلام، بعد ابتذالها في أيدي المشركين قريبًا من مئة عام وتطهير هذا البيت الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه”.

وفي النهاية نستنتج أن فن الخطابة من الفنون الأدبية المهمة التي انتشرت في العصر الأندلسي وكانت وسيلة مجدية ومقنعة لتوصيل الآراء والأفكار وخاصة السياسية منها إلى الجماهير.


شارك المقالة: