الرؤوس الثلاثة في البئر (The Three Heads in the Well) هي حكاية خرافية جمعها جوزيف جاكوبس في قصص خيالية إنجليزية، إنها حكاية (Aarne-Thompson)، الفتيات اللطيفات وغير اللطيفات حيث تشمل الأنواع الأخرى من هذا النوع (Shita-kiri Suzume).
الشخصيات:
- ملك كولشيستر.
- ابنة الملك.
- زوجة الملك الشريرة.
- ابنة الملكة الشريرة.
قصة الرؤوس الثلاثة في البئر:
في وقت ما كان هناك ملك في كولشيستر، شجاع، قوي، حكيم ومشهور بأنه حاكم جيد، ولكن في عز شبابه ماتت زوجته الملكة العزيزة، وتركته مع ابنتها اللطيفة، وقد اشتهرت هذه الفتاة، على نطاق واسع بالجمال واللطف والرقة، ثمّ حدثت أشياء غريبة بعد ذلك، وذلك بعد أن قرر ملك كولشيستر الزواج من سيدة لديها ثروات هائلة على الرغم من أنها كانت كبيرة السن وقبيحة الشكل وسوء المزاج، وعلاوة على ذلك، تمتلك ابنة قبيحة مثلها، ولم يستطيع أحد أن يعرف سببًا لهذا الزواج.
ولكن بعد أسابيع قليلة فقط من وفاة الملكة العزيزة، أحضر الملك هذه العروس البغيضة إلى القصر، وتزوجها بأبهى الاحتفالات الرائعة، وكان أول شيء فعلته هو تسميم عقل الملك ضد ابنته الجميلة، اللطيفة والكريمة التي بطبيعة الحال ، كانت الملكة وابنتها القبيحتان يشعران بالغيرة منها بشكل مخيف، وعندما وجدت الأميرة الشابة أنه حتى والدها قد انقلب عليها، فسئمت من الحياة وقررت الابتعاد عنها، لذلك في يوم من الأيام حدث أن قابلت الملك بمفردها في الحديقة، ثمّ نزلت على ركبتيها وتوسلت إليه ليقدم لها بعض المساعدة بأن يسمح لها بالخروج إلى العالم بحثًا عن عمل فوافق الملك على ذلك.
وطلب من خادمه أن يهيئ الفتاة لمشروعها بالسفر بطريقة مناسبة، لكن المرأة الغيورة لم تعطها سوى كيس قماش من الخبز البني والجبن التالف، مع زجاجة صغيرة من الماء، وعلى الرغم من أن هذه المؤن ضئيلة ولا تكفي للسفر، كما لا تليق لابنة الملك، إلا أن الأميرة كانت سعيدة للغاية، ثمّ أخذتها، وشكرت زوجة أبيها، وانطلقت في رحلتها عبر الغابات والأنهار والبحيرات وعبر الجبال والوادي، حيث أخيرًا، وصلت إلى كهف كان يجلس عند بابه رجل عجوز ذو لحية بيضاء.
عندما رآها، قال الرجل: صباح الخير، أيتها الفتاة الجميلة، إلى أين بعيدًا بهذه السرعة؟ أجابته الفتاة: أبي القس، أذهب لأبحث عن عمل، فقال: وماذا تحمين في كيسك هذا أيتها الفتاة الجميلة؟ فقالت مبتسمة: الخبز والجبن والماء يا أبي، هل سيسعدك أن تتشارك معي في أي منهما؟ أنا أقول ذلك من كل قلبي، وعندما سحبت مؤنها أكلها كلها تقريبًا، لكنها لم تشكو أو تغضب منه، لكنها طلبت منه أن يأكل ما يحتاج إليه، ولما فرغ قدم لها الشكر الجزيل وقال: من أجل جمالك ولطفك وطيبتك، خذي هذه العصا، لأنّه أمامك سياج شائك كثيف يبدو أنه لا يمكن اجتيازه، لكن اضربيها ثلاث مرات بهذه العصا، قائلة في كل مرة: من فضلك دعني أعبر، وسوف يفتح لك الطريق.
ثم أكمل: وعندما تصلي إلى بئر، اجلسي على جانبه ولا تتفاجئي بأي شيء قد تريه، ولكن مهما كان ما يُطلب منك القيام به، فافعلي على الفور، ثمّ دخل الرجل العجوز الكهف، وذهبت الفتاة في طريقها، وبعد فترة وصلت إلى سياج شائك مرتفع وسميك، ولكن عندما ضربتها بالعصا ثلاث مرات قائلة: من فضلك، دعني أعبر، فتح ذلك طريقًا واسعًا لها ولذلك جاءت إلى البئر، ثمّ جلست على جانبه، ولم تكد فعلت ذلك، حتى ظهر رأس ذهبي دون أي جسد في الماء يغني ويقول: اغسلني، ومشطني، وضعني على الضفة حتى أجف بهدوء وجمال لمشاهدة المارة.
فقالت الفتاة وهي تشد مشطها الفضي: بالتأكيد، ثم وضعت الرأس في حجرها، وبدأت في تمشيط الشعر الذهبي، وبعدما قامت بتمشيطه، رفعت الرأس الذهبي بهدوء، ووضعته على أرض زهرة الربيع حتى يجف، وما إن فعلت هذا حتى ظهر رأس ذهبي آخر يغني: اغسلني، ومشطني، وضعني على الضفة حتى أجف، بهدوء وجمال لمشاهدة المارة ، فقامت الفتاة بتمشيطه على الفور وبعد تمشيط الشعر الذهبي، وضعت الرأس الذهبي برفق على بنك زهرة الربيع، بجانب الأول.
ثم خرج رأس ثالث من البئر، وغنى نفس الشيء، فقالت الفتاة بلطف: من كل قلبي، وبعد أن حملت الرأس في حجرها ، ومشطت شعرها الذهبي بمشطها الفضي، كانت هناك ثلاثة رؤوس ذهبية متتالية على أرض زهرة الربيع، وجلست لتستريح ونظرت إليهم، لقد كانت جذابة وجميلة للغاية وأثناء استراحتها، أكلت وشربت الجزء الضئيل من الخبز الأسمر والجبن الصلب التي تركها لها الرجل العجوز، ثم تحدث الرأس الأول: أيها الإخوة، ما الذي يجب أن يكون غريبًا بالنسبة لهذه الفتاة التي كانت كريمة جدًا معنا؟ أليس أغربها أن تكون جميلة جدًا لدرجة أنها ستجذب كل من تقابله.
قال الرأس الثاني: وأنا، أجد أن صوت غريب لها يفوق صوت العندليب في الحلاوة، ثمّ قال الرئيس الثالث: وأنا أقول، من الغريب أن تكون محظوظة جدًا لدرجة أنها سوف تتزوج من أعظم ملك، فقالت الفتاة: أشكركم من كل قلبي، لكن ألا تعتقدون أنه من الأفضل إعادتكم إلى البئر قبل أن أذهب؟ تذكروا أنكم من الذهب، وقد يسرقكم المارة، فوافقوا وشكروها على تفكيرها الطيب وودعوها ثمّ ذهبت في رحلتها.
وبينما كانت قد سافرت بعيدًا، أتت إلى الغابة حيث كان ملك البلاد يطارد الحيوانات للصيد مع نبلائه ، فوقفت للخلف لتجنبهم، لكن الملك رآها وأوقف حصانه مندهشًا إلى حد ما من جمالها، فقال لها: أيتها الفتاة الجميلة من أنت ، وأين تذهبين عبر الغابة بمفردك؟ فقالت الفتاة أنا ابنة ملك كولشيستر، وأذهب للبحث عن عمل، ثم قفز الملك من جواده، فصدمها عندما أخبرها أنه شعر أنه من المستحيل العيش بدونها، وسقط على ركبته توسل إليها للزواج منه دون تأخير.
وقد توسل بشدة حتى وافقت أخيرًا، لذلك ركبت على حصانه خلفه، وأمر الجميع بمتابعته وعاد إلى قصره حيث أقيمت احتفالات الزفاف بكل ما يمكن من السعادة والفرح، بعد ذلك عند طلب العربة الملكية، بدأ الزوجان السعيدان في إجراء زيارة زفاف لملك كولشيستر حيث استقبلها أهل كولشيستر بفرح كبير، حيث بعد غياب قصير جدًا، عادت الأميرة الكريمة في عربة مرصعة بالذهب، بصفتها عروس أقوى ملك في العالم، ثمّ دقت الأجراس، ورفعت الأعلام ، ودقت الطبول وكان كل شيء سعيدًا، باستثناء الملكة القبيحة وابنتها اللتين كانتا على استعداد للانفجار بالحسد والحقد لأن الفتاة المحتقرة كانت الآن تفوق كليهما، وسارت أمامهما في كل مراسم في البلاط.
لذلك بعد انتهاء الزيارة، عاد الملك الشاب وعروسه إلى وطنهم، هناك ليعيشوا في سعادة دائمة حينها قالت الأميرة القبيحة لأمها، الملكة القبيحة: سأذهب أيضًا إلى العالم وأبحث عن عمل، إذا كانت تلك الفتاة السيئة قد حصلت على الكثير، فما الذي قد لا أحصل عليه؟ فوافقت والدتها، وزودتها بفساتين وفراء حريري وأعطتها مؤونة السكر واللوز واللحوم من كل الأنواع، ثمّ تسلحت بهذه الأشياء وانطلقت متبعة نفس الطريق التي سلكتها أختها، وسرعان ما صادفت الرجل العجوز ذو اللحية البيضاء الذي كان جالسًا على حجر عند مدخل الكهف.
قال الرجل العجوز: إلى أين بعيدًا بهذه السرعة؟ فردت بوقاحة: ما شأنك أيها الرجل العجوز؟ ثمّ سألها بهدوء: وماذا تحملين في الكيس؟ فأجابت بشكل سيء: الأشياء الجيدة التي لا شأن لك بها، فقال العجوز: ألا تعطين الرجل العجوز شيئًا؟ ثم ضحكت، وأجابت برأسها: لا أستطيع منحك شيء منها، فقال الرجل العجوز وهو يدخل الكهف: اذهبي وليذهب معك الحظ السيء.
فذهبت في طريقها وبعد فترة وصلت إلى السياج الشائك الكثيف، ورأت ما اعتقدت أنه فجوة فيه، حاولت المرور ولكن ما إن وصلت إلى منتصف السياج حتى أغلقت الأشواك حولها حتى تعرضت للخدش والتمزق وهكذا، وهي تتدفق بالدم، ذهبت إلى البئر وحين رأت الماء، جلست على حافة الهاوية وهي تنوي تطهير نفسها، ولكن بمجرد أن غمست يديها، ظهر رأس ذهبي يغني كما جاء: اغسلني، ومشطني، وضعني على الضفة لأجف بهدوء وجمال لمشاهدة المارة.
فقالت الفتاة: قصة غبية، سأغسل نفسي، وبدأت بغسل نفسها دون اهتمام بالرأس الذي ظهر أمامها، ثمّ ظهر مرة أخرى رأس آخر وهو يغني نفس الكلمات، ولكن الفتاة كانت تسخر منهم وهي تقول: ليس أنا، سأغسل يدي ووجهي وأتناول العشاء، لذا قامت بضرب الرؤوس بضربة قاسية بالزجاجة، وغمستهم في الماء، لكن عندما صعدوا مرة أخرى كانت الأميرة القبيحة قد نظفت نفسها، وجلست على أرض زهرة الربيع، وكان فمها مليئًا بالسكر واللوز، وقالت: أنا لست غسالة ولا حلاق، لذا خذوا هذا لغسيلكم وتمشيطكم، وبهذا، بعد أن أنهت كيس الطعام ألقت الزجاجة الفارغة على الرؤوس الثلاثة.
لكن هذه المرة لم يبتعدوا، ثمّ نظروا إلى بعضهم البعض ثم قال الأول: ليس من الغريب أن يتم إضافة بقع على وجهها لقبحها، وقال الرأس الثاني: ليس من الغريب أنها ستكون أجش مثل الغراب وتتحدث كما لو كان فمها ممتلئًا، ثم قال الرأس الثالث: وليس غريب أنها ستكون سعيدة بالزواج من إسكافي، ثم غرقت الرؤوس الثلاثة في البئر ولم تعد تُرى ، وذهبت الأميرة القبيحة في طريقها.
وعندما جاءت إلى بلدة، هرب الأطفال من وجهها البشع القبيح وهم يصرخون من الخوف، وعندما حاولت إخبارهم أنها ابنة ملك كولشيستر، كان صوتها صريرًا مثل صوت منجل الذرة، وكان أجشًا مثل الغراب، ولم يستطع الناس أن يفهموا كلمة ما قالت لأنها تحدثت كأن فمها ممتلئ، وكان في البلدة هناك إسكافي لم يمض وقت طويل على إصلاحه حذاء الناس المساكين وهو لا يملك المال، وكان لديه مرهم رائع يعالج البقع على الوجه، وزجاجة دواء تقضي على أي بحة في الصوت.
عندما رأى الأسكافي الأميرة البائسة القبيحة في محنة شديدة، صعد إليها وأعطاها بضع قطرات من زجاجته، ثم فهم من لباسها الغني وكلامها الواضح أنها كانت بالفعل ابنة ملك، قال لها: إذا كانت ستقبل به كزوج فسوف يتعهد بعلاجها، فبكت الأميرة البائسة وقالت: أقبل بأي شيء، لذلك تزوجت منه ، وانطلق الإسكافي على الفور مع عروسه لزيارة ملك كولشيستر، لكن الأجراس لم تدق، ولم تدق الطبول، وانفجر الناس في قهقهات صاخبة على الإسكافي الذي يصنع الجلد، وزوجته التي ترتدي الحرير والساتان.
أما بالنسبة للملكة القبيحة، فقد كانت غاضبة لدرجة أنها أصيبت بالجنون وشنقت نفسها بغضب، عندئذٍ، كان الملك سعيدًا حقًا بالتخلص منها قريبًا، وأعطى الإسكافي المال وأمره بالقيام بعمله مع عروسه القبيحة ومعاقبتها بطريقته، وهو ما فعله باقتناع تام، فالمال يعني الكثير لإسكافي الفقير، لذلك ذهبوا إلى منطقة نائية من المملكة وعاشوا في بؤس لسنوات عديدة ، وكان يصنع الأحذية وهي كانت تغزل الخيط من أجله.