الرحمة والعدل من خلال الشعر الجاهلي

اقرأ في هذا المقال


كان الشعراء في العصر الجاهلي يفتخرون ويتغنون باتصافهم بالعدل والرحمة في قصائدهم، وهذه من صفات الأشراف عندهم.

الرحمة والعدل من خلال الشعر الجاهلي

من الواضح في الشعر الجاهلي أن الشاعر يعتمد على الصفات ومكارم الأخلاق الحميدة ليوظفها في شعره ووصفها بفخر، وهذا يعتبر من سبل تهذيب للنفس وتعديل السلوك مع الآخرين، وتوثيق العلاقات بين الناس ليعيشوا في طمأنينة وسلام بعيداً عن الظلم والخوف.

وبالرغم من سلوك الجاهلي أحيانًا ولجوئه إلى القوة؛ نظراً لطبيعة بيئته الصحراوية القاسية للدفاع عن وجوده ومصدر رزقه من الماء والغذاء، فإنه كان يتحلى بأنبل الصفات وأروعها، وخاصة صفة العدل ففي كثير من الأحيان تعمل هذه الصفة على كبح الظلم والتصرف بأخلاق وعدم الاندفاع إلى التجبر والأهواء وصيانة حقوق الآخرين في العيش والبقاء.

لقد كان العدل والرحمة كالمنهج الذي يسير علية الشاعر في الجاهلية في أبياته والتمسك به، ومن الأمثلة على هذا الشاعر زهير بن أبي سلمى الذي تغنى بعدل قوم هرم بن سنان المري وقادتهم وحكامهم، فلقد كان معروف عنهم عدلهم ورحمتهم وكانت القبائل الأخرى تأتي إليهم ليحكموا بينهم لشدة عدلهم، إذ يقول فيهم:

“متى يَشْتَجِرْ قومٌ يقلْ سَرَواتُهُمْ

هُمُ بَيْنَنَا فَهُمْ رِضىً وهُمُ عدل

هُمُ جَرّدوا أحكامَ كلّ مُضِلّةٍ

منَ العُقْمِ لا يُلْفى لأمثالِها فَصْلُ

بعَزْمَةِ مَأمُورٍ مُطيعٍ وآمِرٍ

مُطاعٍ فلا يُلفَى لِحزْمِهمُ مِثْلُ

وَلَسْتُ بِلاقٍ بالحِجازِ مُجاوِراً

وَلا سَفَراً إلاّ لَهُ منهُمُ حَبْلُ”

وفي بعض الأبيات الشعرية كان الشاعر يمدح نفسه بالتحلي بالعدل، فلا يتبع الأهواء ولا يميل عن الحق، مثل قول عامر بن الطفيل:

“فَإِنَّ لَنا حُكومَةَ كُلَّ يَومٍ

يُبَيَّنُ في مَفاصِلِهِ الصَوابُ

وَإِنّي سَوفَ أَحكُمُ غَيرَ عادٍ

وَلا قَذِعٍ إِذا اِلتُمِسَ الجَوابُ

حُكومَةَ حازِمٍ لا عَيبَ فيها

إِذا ما القَومُ كَظَّهُمُ الخِطابُ

فَإِنَّ مَطيَّةَ الحِلمِ التَأَنّي

عَلى مَهَلٍ وَلِلجَهلِ الشَبابُ

وَلَيسَ الجَهلُ عَن سِنٍّ وَلَكِن

غَدَت بِنَوافِذِ القَولِ الرِكابُ”


شارك المقالة: