اقرأ في هذا المقال
ولادته
ولد محمود سامي البارودي في القاهرة في 27 من رجب أي في السادس من أكتوبر سنة 1839 ميلادية، نشأ في كنف أبوين من الراكسة، حيث جاءت شهرته بالبارودي نسبة إلى بلدة “ايتاي البارود”التابعة لمحافظة البحيرة بمصر،
وكان أحد أجداده ملتزماً لها و يجمع الضرائب من أهلها، ونشأ البارودي في ظلِّ أسرة على شيءٍ من الثراء و السلطان.
والده
حيث كان والده يعمل ظابطاً في الجيش المصري برتية لواء، وبعدها عُين مديراً لمدينتي” بربر” و ” دنقلة”، في السودان، حيث مات هنالك، وكان ابنه محمود سامي حينئذن في السابعة من عمره.
دراسته
تلقَّى البارودي دروسه الأولى في بيته، فتعلَّم القراءة و الكتابة و كذلك الخط، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم ، و تعلم مبادئ النحو و الصرف، ودرس شيئاً من الفقه و التاريخ و الحساب.
وعندما بلغ من العمر اثني عشر عاماً التحق بالمدرسة الحربية، و في ظلِّ هذه الفترة تعلَّم البارودي الشِّعر و بدأ بإظهار فنه في كتابة و تأليف الشعر العربي و شعراء الفحول.
أعماله
بعد أربع سنوات من الدراسة تخرَّج برتبة” باشجاويش” ثمَّ سافر إلى إستنبول مقر الخلافة العثمانية، ثمَّ التحق بوزارة الخارجية، حيث تمكن خلال إقامته في إستنبول من إتقان اللغة التركية و الفارسية و مطالعة آدابهما.
حفظ البارودي الكثير من الأشعار ، و دعته سليقته الشعرية المتوهجة إلى نظم الشِّعر بهما كما ينظم بالعربيّة، ولما سافر الخديوي إسماعيل إلى العاصمة العثمانيّة بعد توليه العرش ليقدم آيات الشكر للخلافة، التحق البارودي بحاشيته، فعاد إلى مصر بعد غيبة طويلة امتدت ثماني سنوات.
حياة الجنديَّة
في أثناء عمله بالجيش اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة 1865 ميلادية، ذلك لمساندة جيش الخلافة العثمانية ذلك في إخماد الفتنة التي نشبت وهاجت في جزيرة ” كريت”، حيث أبلى البارودي في هذه الأثناء بلاءً حسناً.
ويصف جانباً من الحرب التي خاض غمارها، ذلك في قصيدة من قصائده الرائعة، و التي كان مطلعها:
أَخَذَ الكَرى بِمَعَاقِدْ الأَجْفانِ*** وَهَفا السُّرى بأعِنَةِ الفُرسان
والليلُ مَنشُرُ الذَوائِب ضاربٌ*** فَوقَ المتالع و الرُِّبَا بِجَران
البارودي و شعره
يعد البارودي رائد الشعر العربي في العصر الحديث؛ حيث وثب به وثبة عالية لم يحلم بها معاصروه، ففكَّه من قيوده البديعة و أغراضه الضيقة، ووصله بروائعه القديمة و صياغتها المحكمة وربط بحياته و حياة أمَّته.
وقد نظم البارودي في كل أغراضه المعروفة من غزل ومديح و فخر و هجاء بالإضافة إلى الرِّثاء، مترسماً نهج الشعر العربي القديم، غير أنَّ شخصيته كانت واضحة في كل ما نظم؛ فهو الضابط الشجاع، والثائر على الظلم، و المغترب عن الوطن، و الزوج الحاني، والأب الشفيق، وكذلك الصديق الوفي.
ترك ديوان شعر يزيد عدد أبياته على خمسة آلآف بيت، طُبع في أربعة مجلدات، و قصيدة طويلة عارض بها البوصري، أطلق عليها: كشف الغمّة، وله أيضاً: قيد الأوابد، وهو كاتب نثري سجل فيه خواطره و رسائله بأسلوب مسجوع، و مختارات البارودي، وهي مجموعة انتخبها الشاعر من شعر ثلاثين شاعراً من فحول الشعر العباسي، و يبلغ نحو أربعين ألف بيتٍ شعريٍّ.