اشتهر العصر الجاهلي بالصناعات الجلدية مُستفيدين من جلود الحيوانات التي يقومون على تربيتها أو التي يصطادونها وقد توجه الشعراء في ذلك الوقت لذكرها في مقطوعاتِهم.
أشهر الصناعات الجلدية من خلال الشعر الجاهلي
1- النعال: كانت تُصنع من أجود أنواع الجلود وأبرزها السّبت وهي نعال مصنوعة من الجلود المدبوغة وأغلبها من جلود البقر وسمي بذلك لأن شعرها يُحلق قبل الدباغ وذكرها أبو الهذلي حيث أنشد:
وَقامَ بَناتي بِالنِعالِ حَواسِرًا
فَأَلصَقنَ وَقْعَ السِبتِ تَحتَ القَلائِدِ
وصُنع في ذلك الوقت نعال رقيقة تتميز بخفتها وكانت تُعد للأثرياء وذكر ذلك في الشعر الجاهلي ومنها أبيات النابغة الذبياني في ثنائه على ملك الغساسنة قائلاً:
رقاقُ النّعال طَيّبٌ حُجُزاتُهم
يُحَيَّوْن بالرَّيْحانِ يوم السَّباسب
2- التروس: كانت تصنع من جلود البقر والثيران المعروفة بقوتها ومتانتها والتي تحمي جسم المقاتل وترد ضربات العدو وذكرها صخر الغيّ حيث أنشد:
لَو أَنَّ أَصحابي بَنو خُناعَه
اَهلُ النَدى وَالجودِ وَالبَراعَه
الحامِلو السُيوفِ وَالقَرّاعَه
لَمَنَعوا مِن هَذِهِ اليَراعَه
3- الدلاء: كانت تستخدم في نقل الماء من منابعه من أجود أنواع الجلود كي تخدمهم وتساعدهم على ذلك وتناول الشعراء الدلاء كثيرًا في مقطوعاتِهم ومنهم لبيد بن ربيعة:
بِمُقابِلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدلُهُ
قَلِقُ المَحالَةِ جارِنٌ مَسلومُ
4- البيوت: توجه الجاهليون إلى صناعة الطِراف ليسكنوا فيها لحمايتهم من حر الصحراء ومخاطرها وذكرها طرفة بن العبد حيث أنشد:
وتَقْصير يوم الدّجْنِ والدَّجْنَ مُعْجِبٌ
بَبهْكَنَةٍ تحت الطراف الممدَّدِ
5- الأنساع: وهي عبارة عن جبال متينة تمتاز بقوتها تُصنع من جلود الحيوانات وكانوا يستعملونها في حزم بضائعهم، وتربط بها الرحال أثناء الترحال وذكرها المثقب العبدي أثناء وصفه ناقته حيث أنشد:
يَجُدُّ تَنَفُّسُ الصُعَداءِ مِنها
قُوى النِسعِ المُحَرَّمِ ذي المُتونِ
كَأَنَّ الكورَ وَالأَنساعَ مِنها
عَلى قَرواءَ ماهِرَةٍ دَهينِ
كما كان يصنع منها القيود والأغلال التي يُقيد بها أسير الحرب والمسجونين ووردت في أبيات عدي بن زيد:
وما ظُلمُ أمرئٍ في الجِيدِ غُلٌّ
وفي السَّاقَينِ ذُو حَلَقٍ طَويلُ