العصا من العصية - The stick out of the stic

اقرأ في هذا المقال


كان بعض الناس قديماً يقولون العصية من العصا، ويقصد به أن الأمور الجليلة والكبيرة تكون في بداياتها صغيرةً، وقال بعضهم: القرم من الأفيل، فيوخذ من هذا القول أن أصل المثل هو: العصا من العصية؛ أي أن الشيء الكبير يأتي من الشيء الصغير.

قصة مثل “العصا من العصية”:

في قديم الزمان، كان هناك رجل يحتضره الموت يدعى نزار، فنادى على أبناءه وهم ربيعة ومضر وإياد وأنمار؛ ليقسم الميراث بينهم، فقال: يا أبنائي القبة الحمراء لمضر، والخباء الأسود والرس الأدهم إلى ربيعة، والخادمة وقد كانت شمطاد لإياد، والمجلس والبدرة إلى أنمار، فإذا حصل بينكم فيما بعد إشكال حول هذا التقسيم إذهبوا إلى رجل يدعى الأفعى الجرهمي يسكن في مدينة نجران.

فحصل إشكال بينهم حول القسمة في الميراث، فذهبوا إلى الأفعى الجرهمي، وبينما هم في الطريق، شاهد مضر أثار راعي، فقال: الذي كان يرعى هنا إنه لأعور، وقال أنمار: إنه لشرود، وقال إياد: إنه لأبتر، وقال ربيعة: إنه لأزور، وأكملوا طريقهم فقابلهم رجل وسألهم عن جمل له تاه منه، فقال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، وقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم وقال إياد أهو أبتر؟ قال: نعم وقال أنمار: أهو شرو؟ فقال: نعم والله إن هذه الصفات بعيري تماماً فدلوني عليه، فقالوا: والله ما شاهدناه، فرد عليهم والله إنكم لتكذبون كيف لي أن أصدق كلامكم وأنتم وصفتم بعيري بصفاته الكاملة.

فذهبوا إلى الأفعى الجرهمي في مدينة نجران مع ذلك الرجل؛ ليحكم بينهم، فشكاهم الرجل للأفعى وحدثه عما حصل بينهم، فقال الأفعى: كيف وصفتوه ولم تروه، فقال ربيعة: شاهدت إحدى يديه أثرها ثابت، فعرفت أنه أزور، وقال مضر: شاهدت أنه راعي في جهة وتارك جهة فقلت أنه أعور، قال أنمار: شاهدت مكان الرعي بأنه متسلط على النبات التالف فعرفت أنه شرود، وقال إياد: أدركت أنه أبتر لأن بعره كان مجموع ولو كان لديه ذيل لمصع به.

فأخبر الأفعى الرجل أنهم ليسوا من سرق بعيره، ثم سألهم عن سبب مجيئهم، فأخبره عن خلافهم على الميراث، فقام الأفعى بإكرام نزلهم بذبح شاة لهم وجائهم معها بالخمر، قال مضر: لم أتذوق أطيب من هذا الخمر لولا أن حبتها كانت قد نبتت على قبر، وقال أنمار: لم أشاهد اليوم كلام أفضل من حاجتنا سوى كلامنا في إذنه، وقال ربيعة: لم أتذوق أطيب من هذا اللحم لولا غذاء الشاة على لبن الكلب، وقال إياد: لم أشاهد رجل أسرى منه لولا أنه ليس لوالده الذي يدعي له.

انقهر الأفعى من كلامهم وقال: أما الخمر فقد غرست حبلته على قبر والدكم، وأما الشاة فقد أضعتها من لبن الكلبة لأن أمها توفت، ثم ذهب لأمه وسألها عن أبيه، فقالت له: أنه كان لديه ملك كثير ولم يكن له ولد، فذهبت لابن عمه ومكنته نفسي؛ خوفاً أن يذهب المُلك لأحد آخر، فقال لهم الأفعى: إن أبيكم أوصى بالخباء الأود والفرس والإبل الحمر لربيعة فكل شيء أسود له، والقبة الحمراء أي المال لمضر، والنقود لأنمار، وقضى بالخادم الشمطاء يعني الماشية البلق من الحبلق لإياد وذهبوا من عنده على هذا الأمر، فقال: إن العصا من العصية؛ أي أن والدهم كان ذو رأي سديد وهم يشبهونه في ذلك.

دلالة مثل “العصا من العصية”:

العصا في الحياة اليومية، تعني وسيلة تعويضية يعتمد عليها بعض الأشخاص مثل المكفوفين، ويكون الغرض منها تفادي الاصطدام بالأشياء الأخرى، أما في هذا المثل فهي تشير إلى تشبيه الأبناء إلى الأباء في التفكير.


شارك المقالة: