العصور الأدبية في الأندلس

اقرأ في هذا المقال


اهتم أهل الأندلس بالعلم والثقافة والأدب وبجميع فنونه وتناولت أشعارهم العديد من الأغراض التقليدية مثل شعر التصوف وشعر الزهاد وكذلك الرثاء والمدح وغيره الكثير، قاموا بتحديث بعض الأغراض مثل غرض الرثاء الذي ظهر فيه رثاء المدن الزائلة، ولقد مرَّ الأدب الأندلسي بالعديد من العصور، لهذه العصور أثر في تطور وازدهار الأدب الأندلسي.

العصور الأدبية في الأندلس

1ـ عصر الولاة: عندما تم فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد، وكذلك موسى بن نصير تمركز العرب في المناطق الأندلسية التي تناسب طبيعتهم العربية، كما أنهم تزوجوا من سكان الأندلس وأطلق عليهم عجم الأندلس، وبعد ذلك دخلت جموع غفيرة إلى بلاد الأندلس مشكلين بذلك البيئة الأندلسية الجديدة، وكان يغلب في هذا العصر الثورات والصراعات وخاصة بين العرب والمولدون.

ولم يتميز هذا العصر بظهور أي حركة فكرية؛ لأنهم انشغلوا في هذا العصر بالصراعات وكذلك الفتوحات، سوى القليل من المقطوعات الشعرية التي ألفت على ألسنة الملوك والحكام، والقليل من الشعراء العرب الذين جاءوا إلى الأندلس.

2ـ عصر الدولة الأموية: بدأ هذا العصر بدخول عبد الرحمن الداخل إلى قرطبة، ولقد قام بصلاة في الناس وألقي خطبته بالجند وقام على تأسيس الدولة الأموية التي صمدت قرونًا طويلة، وكان عبد الرحمن مغترًا بدولة أجداده في المشرق العربي، وبذل قصارى جهده كي يحيها من جديد في دولته من جميع النواحي السياسية والأدبية والحضارية.

وفي هذا العصر كان أهل الأندلس يعتبرون المشرق قدوة لهم ولذلك نجد تشابه كبير بين الفكر الأندلسي ونظيره المشرقي، وكان يظهر التشابه في الألفاظ المستخدمة وكذلك المعاني، ويمكن أن نستثني وصف الطبيعة الرائعة لبلاد الأندلس.

وعلى المستوى الفكري نجد أن الأدب الأندلسي لم يرقَ إلى مستوى الأدب المشرقي، أما النقد كان محاكيًا لنقد في المشرق، ويقول ابن حزم في ذلك: “ونحن إذا ذكرنا أبا الأجرب جعونة بن الصمة الكلابي في الشعر، لم نباهِ إلا جريرًا والفرزدق لكونه في عصرهما، ولو أنصف لا ستشهد بشعره” وعندما تم أخذ كتاب العقد الفريد من الأندلس إلى المشرق قال في ذلك الصاحب بن عباد أنه بضاعتهم وها هي قد ردت إليهم، وكان أهل الأندلس يطلقون على شعرائهم ألقابًا تحمل أسماء شعراء المشرق مثل إطلاق على ابن هانئ اسم متنبي الغرب، وابن زيدون بحتري الغرب.

3ـ عصر ملوك الطوائف والمرابطين: تميز هذا العصر بالتطور والازدهار في جميع جوانب الحياة، ورغم أن الوضع السياسي في هذا العصر كان متردي بشكل كبير، إلا أن هذا التردي السياسي كان دافعًا لملوك هذا العصر والاستكثار من الأدباء والشعراء ليتباهوا ويتفاخروا بهم، ولكن في هذه الفترة قد بدأ الأديب الأندلسي بالاستقلال والابتعاد عن التقليد المشرق، وفي هذه الفترة بدأ ظهور طبيعتهم الفكرية التي تميزهم عن أهل المشرق العربي.

وفي هذا العصر بدأ الأندلسيون يستقلون عن أهل المشرق لم يعودوا يرونهم المثل الأعلى لهم، بل أصبحوا ينظروا لهم على أنهم أنداد لهم ومنافسين، وبدأوا بالاستقلال عن النموذج الشرقي، وخلق أدب مستقل بهم يميزهم ويبعدهم عن المشرق.

تعتبر الموشحات وكذلك فن الزجل من الفنون التي استحدثها شعراء الأندلس وطوروها بما يتناسب أهوائهم وأغراضهم الشعرية، ولقد قاموا بنظم جميع الأغراض بأسلوب المشح، مثل الهجاء والمدح ووصف الطبيعة، بعد أن كان مخصصًا للغزل فقط.

وتميز الأدب الأندلسي في هذا العصر بدخول الفكر الفلسفي إليه ولات في هذا الفكر قبولًا واسعًا، وخصوصًا عند شعراء الأندلس، حيث أنهم أصبحوا ينظمون فلسفية على شكل أبيات شعرية رائعة، ولقد تميز منهم العديد في هذا المجال مثل: المعتضد، وابن الشهيد، وابن اللبانة، وابن عبدون وغيرهم الكثير.

4ـ عصر الموحدين: تمسك الموحدون بأسلوب القدماء في مجال الأدب والحياة الأدبية، حيث أنهم قاموا على استقدام العلماء وأهل الأدب إلى مجالسهم، وقاموا بتشجيعهم وإغراقهم بالعطايا والهدايا، ويظهر في هذا العصر محاولة أهل المشرق وللمرة الأولى في التاريخ إلى تقليد أهل الأندلس في أدبهم، وكان من أبرز أغراض الشعر التي استخدمت في هذا العصر: هي المدح، والرثاء، والغزل، وكذلك الوصف.

وفي النهاية نستنتج أن الأدب الأندلسي قد مرَّ بعصور عديدة، وكان لهذه العصور دور فعَّال في ازدهار وتطور الأدب الأندلسي، وبروز نخبة مميزة من الأدباء والكتّاب والشعراء في هذه العصور.


شارك المقالة: