اقرأ في هذا المقال
- الأدب في العصر العباسي
- عوامل ازدهار الأدب في العصر العباسي
- عوامل ازدهار الشعر في العصر العباسي
- تطور النثر في العصر العباسي
- نماذج شعرية في العصر العباسي
- نماذج نثرية في العصر العباسي
من أبرز عوامل تطور الأدب في عصر العباسيين تعلق ولاة الأمر بالأدب والكلام المنظوم وقدم حكام تلك الفترة الأموال والهبات لرواد العلم، مما أعطاهم عزيمة واهتمام بشكل كبير بإنتاجها وأصبحت الدولة هي عاصمة للثقافة والآداب، وتطور بعد ذلك الأدب وكثر رواد الأدب والكتَّاب وفي هذا المقال سنوضح عوامل تطور الأدب في تلك الفترة.
الأدب في العصر العباسي
كانت الفترة العباسية من أكثر العهود تطورًا للأدَب حيث شغف الحكام كثيراً بالأدب ورواده وأجزلوا لهم الهبات، والدولة في ذلك الوقت كانت عاصمة الأدب والثقافة ومكانًا للترجمة والكتابة وكثُر رواد الأدب وأهل الشعر وظهرت تجارة الأوراق، وكان للأمن السياسي دورًا في ازدهار الآداب والتوجه إلى مسائل الفكر وتوفير الظروف الملائمة للتميز.
برزت المؤلّفات بكثرة في ذاك الوقت وتوسّع أهل العلم في توضيح الثقافة وأغلب المؤلفات التي برزت في هذا الوقت ولم تُحصر على نوع محدد من الأدب، وتميّز الأدب بنُهوضه وتوسعه كنهضَة أدبيّة وخاصّة في الشعر المشرقي وأصبحت المدن تتسابق في رفع مستوى الأدب والفكر، حتّى أنّ ولاة أمر المدن حثُّوا على العلم ولغة القرآن الكريم المرتبطة بين تلك البقاع فذاع الشعر وأجزلوا العطايا لملقيه.
عوامل ازدهار الأدب في العصر العباسي
هناك الكثير من العوامل التي دفعت إلى تطور الأدب في ذاك الوقت فيما بلي أهمها:
1- التخلص من الفتن وكذلك وجود الاستقرار السياسي للبلاد وانتشار الأمن حيث ساهمت في ازدهار الأدب في هذا الوقت.
2- حث الحكام لتعلم والإبداع وتقديمهم الأموال لرواد الأدب والمترجمين دورا في هذا التطور.
3- ظهور كبير لترجمة حيث أدى إلى بروز معارف وآداب حديثة.
4- اندماج أهل المشرق بالعجم وأمم أخرى وتغولِهم بثقافتهم وآدابهم.
5- وجود الرفاهية الاقتصادية والذي هيأ أجواء ملائمه لظهور التميز في الأدب.
عوامل ازدهار الشعر في العصر العباسي
1- التطور الحضاري والتقدم الثقافي التي عاشها العصر في هذا الوقت له أثر في ازدهار الشعر، وقد خلَّف كل منهما بصمة في الشعر فبرزت فيه أغراض كثيرة للنظم كان لرواده حظ وافر منها.
2- التغير الاجتماعي الذي وجده هذا العصر بسبب اختلاط أهل المشرق بغيرهم من الشعوب، أثَّر في استحداث موضوعات وأنواع شعرية حديثة فظهر شعر اللهو والوصف وغيرها.
3- الاستقرار السياسي الذي عمَّ في البلاد بعد انهيار النظام الأموي والتخلص من النزاعات الدامية التي نشأت بينهم على السلطة والحكم.
4- دور العباسيين في تطور الشعر بسبب تعلقهم الشديد به حيث كان لكل حاكم منهم شعراء مقربين منهم في مجالسهم التي كانت تقام في القصور وإغداقهم رواده بالكثير من الهبات.
تطور النثر في العصر العباسي
1- وجود الترجمة وتطورها حيث عملت على الاختلاط الثقافي والتأثر بالأدب الأعجمي من الفرس وغيرهم.
2- استطاع النثر من فهم الثقافات الدخيلة على البيئة المشرقية.
3- تأثر النثر في ذاك الوقت بالنثر الأموي وغيره.
4- تأثر النثر بإعجاز كتاب الله سبحانه تعالى والسنة النبوية الشريفة البلاغية.
5- جزالة اللغة المشرقية وجمالها والعناية بها في زمن العباسيين.
6- التخلص من المفردات البدوية المشرقية من الحضارة مع الاهتمام بفصاحة المفردات وقوتها.
7- اندماج النَّثر مع حضارات العصر المتنوعة مع بقائه بأصوله المعروفة لكي لا يتواجد الازدواج اللغوي الذي يساعد اللغة على الضياع.
نماذج شعرية في العصر العباسي
شعر بشار بن برد:
أَجارَتَنا ما بِالهَوانِ خَفاءُ
وَلا دونَ شَخصي يَومَ رُحتُ عَطاءُ
أَحِنُّ لِما أَلقى وَإِن جِئتُ زائِرًا
دُفِعتُ كَأَنّي وَالعَدُوَّ سَواءُ
وَمَنَّيتِنا جودًا وَفيكِ تَثاقُلٌ
وَشَتّانَ أَهلُ الجودِ وَالبُخَلاءُ
شعر أبو نواس:
أسقياني من شمولِ
في مدى اليوم الطويل
خمرةً في عَرفِ مِشكٍ
عُصرت من نهرِ بيلِ
ويحُها يسطعُ منها
فائحًا من رأس ميل
شعر أبو العتاهية:
تولت جدّة الدنيا
فكل جديدها خَلقُ
وخان الناس كلهم
فما أدري بمَن أثِقُ
كأن معالم الخيرا
ت قد سُدّت لها الطُرقُ
شعر المتنبي:
واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
ما لي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ
فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ
قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ
وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ
وكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشِّيَمُ
فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ
في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ
نماذج نثرية في العصر العباسي
خطبة ابن المقفع التي تمَّ ذكرها في البيان والتبيين ” وليكنْ في صدرِ كلامِك دليلٌ على حاجتِكَ، كما أنَّ خيرَ أبياتِ الشِّعر البيتُ الَّذي إذا سمعتَ صدرَه عرفتَ قافيتَه، فكأنَّه يقولُ فرق بينَ صدرِ خطبةِ النِّكاح، وبينَ صدرِ خطبةِ العيدِ، وخطبة الصُّلحِ، وخطبة المواهب، حتَّى يكونَ لكلِّ فنٍّ من ذلكَ صدرٌ يدلُّ على عجزِه، فإنَّه لا خيرَ في كلامٍ لا يدلُّ على معناهُ، ولا يشيرُ إلى مَغزاهُ، وإلى العمودِ الَّذي بسطت إليهِ والغرضِ الَّذي نزعت إليهِ.”
رسالة بن هارون في البخل ” بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، أصلحَ اللهُ أمرَكم، وجمعَ شملَكم، وعلَّمَكم الخيرَ وجعلَكم منْ أهلِه؛ قالَ الأحنفُ بنُ قيس: يا معشرَ بني تميمٍ، لا تُسرعوا إلى الفتنةِ فإنَّ أسرعَ النَّاسِ إلى القتالِ أقلُّهم حياءً منَ الفرار، وقد كانوا يقولون: إذا أردتَ أنْ ترى العيوبَ جمَّةً فتأمَّلْ عيّابا، فإنَّه إنَّما يعيبُ النَّاسَ بفضلِ ما فيهِ منَ العيبِ، أعيبُ العيبِ أنْ تعيبَ ما ليسَ بعيبٍ، وقبيحٌ أنْ تنهيَ مرشدًا وأنْ تغريَ بِمشفق.”
نص من كتاب الأدب الكبير لابن المقفع: “إِنِّي مخْبرُكَ عَنْ صَاحِبٍ لي؛ كَانَ أَعْظَمَ النَّاسِ في عَيْني؛ وَكَانَ رَأْسَ مَا عَظَّمَهُ في عَيْني؛ صِغَرُ الدُّنيَا في عَيْنَيْه، كَانَ خَارِجًَا منْ سُلْطَانِ بَطْنِه؛ فَلاَ يَشْتَهِي مَا لاَ يجِد، وَلاَ يكْثرُ إذَا وَجَد، وَكَانَ خَارجًَا منْ سلْطَانِ لِسَانِه؛ فَلاَ يَتَكَلَّم فِيمَا لاَ يَعْلَم، وَلاَ يمَارِي فِيمَا عَلِم ـ أَيْ لاَ يجَادِل ـ وَكَانَ خَارِجًَا مِنْ سُلطَانِ الجَهَالَة؛ فَلاَ يَتَقَدَّمُ إِلاَّ عَلَى ثِقَةٍ بمَنْفَعَة، كانَ أكثرَ دهرِه صامتًا، فإذا نطقَ بَذّ النَّاطقين، كانَ يُرَى مُتضاعفًا مُستَضعفًا، فإذا جاءَ الجدُّ فهو اللَّيثُ عاديًا، كانَ لا يدخلُ في دعوى، ولا يشتركُ في مِراءٍ.”
في النهاية نستنتج إن الأدب في زمن العباسيين تطور بشكل لافت بسبب عدة عوامل أبرزها الأمن والاستقرار الذي عمَّ في البلاد، كذلك كان للحكام دور بارز في تطوره وسطع نجم الكثير من رواد الأدب مثل البحتري وأيضًا ابن المقفع وغيرهم الكثير.