كيف افتقد الكاتب صفة الحذف والاختزال بالكتابة؟

اقرأ في هذا المقال


الكتابة فن أدبي مهم وراقي جداً، يأتي إما كموهبة فطرية أو من خلال الممارسة والتدريب، وبعض الكتّاب يعانون من مخاوف ضد الكتابة، وهذا الخوف يتمثل في عدم نجاح أعمالهم الأدبية ونيلها على إعجاب الجماهير، وهذا خوف طبيعي مثل خوف أي شخص يبدأ بعمل جديد ويخاف من أن يفشل، وهذا الخوف كان يدفع الكاتب إلى التدبر والتأمل أثناء الكتابة، لكن مع التطور الذي حدث مع مر السنين لم تبق الكتابة فن جيد فهو افتقد ميزة الحذف والاختزال.

كيف افتقد الكتّاب صفة الحذف والاختزال بالكتابة؟

لأي شخص يريد أن يكتب سواء كان موهوب في الكتابة أم أنه في طريقه لتعلم هذه المهارة، يجب أن يكون قارئاً ومطلعاً على الكثير من الكتب، فلكل كاتب مهم قارئ مهم خاصّةً في المجال الذي يكتب به، فإن كثرة القراءة والاطلاع على عدة مواضيع تساعد هذا الكاتب على اختزال الكلمات والعبارات والأفكار، في مختلف أنواع الكتابات سواء كانت بحوث، مقالات، كتب وتقارير يقوم الكاتب بالرجوع إلى الكثير من المصادر والكتب للاستفادة منها، فالكتب الخالدة هي اختزال لكتب أخرى، فإذاً الكتابة تتولّد من المطالعة الكثيفة ومن ثم الاختزال.

وفي هذا العصر لم يبق أي مشقة في البحث والاطلاع، فانتشار العديد من المواقع والكتب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ساعد على تدفق النصوص وبكثرة، فهي ساعدت على أن يكون البحث مجاني وميسّر، بحيث في عصرنا الحديث تم كسر مصطلح (احتكار الكتابة) فهو أصبح تعميم للجميع، فهي صاغت مفهوم جديد للثقافة، وأوجدت تقاليد أخرى للقراءة وأساليب جديدة لتلقّي المعرفة، فأصبح لها فئة قرّاء خاصّة، فأصبح الكاتب الذي كان يمضي ساعات في البحث عن معلومة واحدة يستطيع أن يجدها الآن في غضون دقائق وبسهولة كبيرة، وعلى الرغم من فائدة هذا التطور إلى أن هناك تخوّف كبير من البعض على جودة الكتابة، فقد كان الكاتب قديماً يبحث عن مصادر كثيرة ويحملها بيده، وكانت الكتابة أيضاً للكاتب المؤنس الوحيد؛ حيث كان الكاتب يصنع لنفسه اجواء للكتابة والتأمل فتجد الاقلام الجافّة والأوراق، وكان يكتب في أوقات معينة أما في الوقت الحاضر فيمكن للكاتب أن يكتب بأي وقت.

فتنوعت اساليب وأشكال الكتابة، وأصبح الكثير من الأشخاص متاحة لهم الكتابة بأي موضوع، فحتى أن المواضيع تنوعت، وهذا تسبّب في انتشار الكتابة الرديئة احياناً التي تكون إسهاب لا معنى فيه؛ والسبب في ذلك أنهم يكتبون من غير تأمل ومن غير مشقّة وتدبّر عميق، فأصبحت الكتابة من دون حذف واختزال وتكثيف.

وهذا لا يقلّل من شأن الكتابة فهي كانت ولا زالت وستبقى فن له أسس وقواعد، ولكن البعض تأثر بهذه الثقافة الجديدة ممّا أدى إلى تراجع الكتابات، ولكن ستبقى الكتابة فن له أسس كثيرة ومنها فن الحذف والاختزال.


شارك المقالة: